2022 .. سنة حزن تلاه فرح

فتح الله رمضاني

يبدو أن سنة 2022 أبت إلا أن تبقى محفورة في ذاكرة المغاربة، ليستحضرها من عاشها منا أو حتى من لم يعشها بيولوجيا، في كل حديث، سواء باعتبارها سنة محزنة أو مفرحة، ذلك أنه لا أحد منا سينسى ما عشناه خلالها من حزن إبان فاجعة الطفل ريان، عليه رحمات الله، ولا أحد منا سيتجاوز معطى أنه خلال هذه السنة أيضا، تمكن منتخبنا الوطني، ولأول مرة، من بلوغ دور ربع النهائي من بطولة كأس العالم لكرة القدم.
لقد أبت سنة 2022، وهي السنة التي أطلت علينا بفاجعة إنسانية، أصبحت قضية رأي عام وطني ودولي، إلا أن تغادرنا وهي تزف إلينا خبرا سارا مفرحا، صار هو أيضا محط متابعة دولية، وكأنها تعتذر منا عن كل ذلك الألم والحزن، الذي عشناه في بدايتها مع فقدان ريان، وكأنها على علم واطلاع بصدق عواطفنا وبحالتها المنكسرة التي كانت في حاجة إلى حدث شعبي يفرحنا، ويفرح ريان في روضته.
إن بداية هذه السنة كما نهايتها، جعلت المغرب والمغاربة في حالة هيجان عاطفي لافت، اختلف بين شعور سلبي نتيجة لآثار تلك الفاجعة، وبين شعور إيجابي تفاعلا مع إنجازات المنتخب الوطني، وإذا كان هذان الحدثان يتموقعان على طرفي نقيض، بالنسبة لشعور المغاربة، إلا أنهما يلتقيان في مجموعة من القواسم المشتركة، منها:
تعاطف دولي كبير ولا سيما بالعالمين العربي والإسلامي: إننا نلاحظ اليوم بمناسبة تأهل منتخبنا الوطني إلى دور ربع النهائي من بطولة كأس العالم، كيف أن العديد من وسائل الإعلام تغطي هذا الحدث باعتباره إنجازا تاريخيا وفخرا للعديد من الدول الطامحة إلى مجابهة كبار هذه الرياضة، وكيف أن العديد من سكان العالم، وعلى الخصوص سكان العالمين العربي والإسلامي، قد التفوا حول المغرب، والتحفوا رايته، ورددوا شعاراته مع جمهوره، داعمين ومساندين له في هذه البطولة، على اعتبار أنه ممثلهم الأول فيها، وهي مشاهد عشنا مثيلاتها مع وقائع وأحداث فاجعة الطفل ريان شهر فبراير الماضي، الذي بقي عالقا في بئر على عمق أزيد من ثلاثين مترا لمدة خمسة أيام قبل إعلان وفاته، بالرغم من كل الجهود الكبيرة التي ميزت عملية إنقاذه، حيث عرفت قضية ريان وطيلة تلك المدة، تعاطفا دوليا كبيرا، وعرفت تغطية إعلامية مهمة، انتهت برثائه من قبل العديد من المسؤولين الحكوميين وغير الحكوميين والسياسيين والرياضيين والفنانين.
ترابط شعب وملك: نتذكر جميعا المجهودات الجبارة، التي بذلتها السلطات المغربية في عملية إنقاذ الطفل الريان، وهي العملية التي جعلت المغرب واحدا من بين أحسن الدول التي تعاملت مع مثل هذه الفواجع، نتذكر أيضا كيف قبضت قلوب كل المغاربة خلال كل أطوار عملية الإنقاذ، وكيف أصبحت قضية ريان نقطة واحدة ووحيدة في كل نقاشاتهم، بل على رأس جميع اهتماماتهم، كما نتذكر المتابعة الملكية لهذا الحدث المأساوي، منذ أولى عمليات التدخل إلى حين إعلان الديوان الملكي عن وفاة الطفل ريان متأثرا بجراحه، ليدخل المغاربة جميعا في حالة حداد وحزن، نتذكر كل هذا، ونحن نعيش اليوم حالة من الفرح الجماعي أيضا، حيث أنه ومباشرة بعد انتصار المغرب في مباراته أمام إسبانيا، عجت كل ساحات المملكة وشوارعها بمغاربة متزينين باللونين الأحمر والأخضر، هاتفين فرحا «عاش المغرب»، فرحة شاركهم فيها ملك البلاد، أجل، خرج الملك محمد السادس أيضا بعد انتصار المغرب، خرج وهو يرتدي قميص المنتخب الوطني مثل أبناء شعبه، يلوح بيده فرحا وانتشاء حاملا العلم الوطني، في صورة بليغة لعلاقة الملك الوطيدة مع شعبه.
شكرا إذن لسنة 2022، وشكرا للمنتخب الوطني، وشكرا لكل المغاربة، الذين يبينون في كل مرة، أنهم كرجل واحد، في توادهم وتعاطفهم، وشكرا للملك محمد السادس الذي يبين دائما أنه جزء من ذلك الرجل، والرحمة على روح ريان الطاهرة.

الكاتب : فتح الله رمضاني - بتاريخ : 10/12/2022

التعليقات مغلقة.