45 سنة من تآمر الجزائر على المغرب

الدانمارك: البشير حيمري

تاريخ العلاقات المغربية عرف هزات كثيرة منذ استقلال المغرب، وكان مصدر المشاكل التي عاشها البلدان الاستعمار الفرنسي، الذي اقتطع أجزاء من المغرب ليحتفظ بها عقب تأخر الجزائر في الحصول على استقلالها  حتى سنة 1963، واحتفظت فرنسا بالصحراء الشرقية، وكانت سببا رئيسيا في تأخير الموافقة على رسم الحدود بين البلدين، وبقي المغرب وفيا لحسن الجوار، واستمر في دعم حركة التحرير الجزائرية، ومن المغرب تلقى القادة دعما قويا بالمنطقة الشرقية، حيث تلقى بوخروبة ورفاقه الدعم اللوجستي لهزم الاستعمار الفرنسي وإخراجه بلا عودة من أرض الجزائر مخلفا في نفس الوقت مشاكل حدودية لاتزال قائمة لحد الساعة، وكانت سببا في نشوب نزاع سنة 1963بين البلدين سمي بحرب الصحراء، آنذاك اتهمت الجزائر المغرب بالحقرة والاعتداء على أراضيها، وكانت هذه الحرب سببا في تأخر رسم الحدود بين البلدين إلى يومنا هذا.
العلاقات المغربية- الجزائرية عرفت توترات مستمرة منذ الاستقلال، لولا حكمة العاهلين المغربيين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني رحمهما الله اللذين تشبثا بمبدأ حسن  الجوار والقيم المشتركة التي تجمع الشعبين، ورفضا بذلك نشوب حرب مدمرة بين البلدين أكثر من مرة بسبب سياسة التآمر التي نهجتها الطغمة العسكرية، التي سيطرت على الحكم في الجزائر منذ الاستقلال سنة 1963ونهبت خيرات هذا البلد الغني بالغاز والنفط ، وكل المؤامرات التي تعرض لها المغرب كان مصدرها عسكر الجزائر، الذي يتحكم في تدبير السلطة، ولعل من بين أهم أسباب فشل قيام المغرب العربي موقف الجزائر من تحرير المغرب لأقاليمه الجنوبية، والتي تأخر خروج الاستعمار الإسباني منها حتى سنة1975بعد صدور حكم محكمة لاهاي الدولية، الذي أقر بالروابط التاريخية لسكان هذه الأقاليم وبيعتهم للملوك العلويين، وبعد استرجاع المغرب لصحرائه بالمسيرة الخضراء، انكشفت خيوط المؤامرة التي قادها الضباط الجزائريون الذين تدربوا في شرق المغرب وبدعم كبير من المغاربة وملكي المغرب محمد الخامس والحسن الثاني رحمهما الله لمواصلة حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، وفعلا تحقق استقلال الجزائر ، وقرر المغرب استكمال وحدته الترابية بالمسيرة الخضراء سنة 1975، ومنذ ذلك التاريخ وحكام الجزائر يتآمرون على المغرب، وهم الذين صنعوا البوليساريو  ومولوه بمئات المليارات من الدولارات لشن حرب استنزاف طويلة ضد المغرب، ولا تزال سياسة العداء مستمرة إلى يومنا هذا، وعرفت أشكالا متعددة بما فيها الحرب الإعلامية القذرة التي تشنها وسائل الإعلام الجزائرية في الآونة الأخيرة لتشويه الحقائق التاريخية، في محاولة من العسكر الجزائري المتحكم في السلطة لتأليب الجزائريين ضد المغرب لكن هدفهم ليس سوى تحويل الرأي العام الجزائري بخلق صراع مع المغرب والمبالغة في الإنفاق العسكري استعدادا للحرب،عوض الاهتمام بالتنمية.
سعار تهديدات عسكر الجزائر ازداد بعد توقيع المغرب الاتفاق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة بعد قرارها الاعتراف بمغربية الصحراء،هذا الاعتراف الذي ربطته الولايات المتحدة بعودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل التي يعيش فيها حوالي مليون يهودي مغربي بقوا متمسكين بحبهم لبلدهم المغرب ويحمل الكثير منهم جنسيته، هذا التحول رفع من حدة التوتر بين البلدين وخلق جوا مشحونا في المنطقة .
وفي نفس الوقت تزامن اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء بإقامة أكثر من خمس عشرة دولة قنصليات لها في هذه الأقاليم، وهذا يعتبر نصرا دبلوماسيا يؤكد سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ومقابل هذا التقدم استمرت الجزائر في تحريك المرتزقة لزعزعة استقرار المغرب  بدفع شرذمة من هؤلاء للسيطرة على معبر الكركرات الذي حرره المغرب بدون حرب ولا إراقة دماء، وأعيد فتح هذا المعبر الذي يعتبر مهما جدا لحركة مرور البشر والتبادل التجاري الدولي، ومنذ تحرير المعبر واعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء وعودة العلاقات المغربية الإسرائيلية والجزائر تشن حملة إعلامية شرسة على المغرب تضر بأواصر الأخوة التاريخية التي تجمع البلدين.
إن السياسة العدائية التي شنتها الجزائر لمدة خمس وأربعين سنة ضد المغرب بعد استرجاع المغرب لصحرائه هي حرب استنزاف لا تخدم مصالح الشعبين معا، وعوض أن يهتم العسكر الجزائري بتغيير سياسته  والتفكير في وحدة شعوب المنطقة وتشكيل قوة متكاملة وتكتل اقتصادي قوي وبناء شراكة متقدمة مع دول الاتحاد الأوروبي، فإنه يتجه لقيادة المنطقة للمواجهة وشن حرب مدمرة لا تخدم مصالح وتطلعات شعوب المنطقة التي يجمعها الدين واللغة والقيم والتاريخ المشترك الذي سالت من أجله دماء مغربية وجزائرية، والحقيقة الزائفة التي يستمر عسكر الجزائر في تمريرها عبر حرب إعلامية وقحة، تعددت وسائلها وشملت هذه المرة حتى مؤسسة المساجد، حيث مرر حكام الجزائر عن طريق خطب الجمعة سياستهم التحريضية ضد المغرب، متناسين ما قدمه المغرب من تضحيات جسام من أجل تحرير بلادهم.
لا ندري إلى أين يقود حكام الجزائر المنطقة بسياستهم العدائية للمغرب، فاستمرارها لا يخدم التطورات الخطيرة التي تعرفها المنطقة والتحديات الكبرى التي تواجهها بمنطقة الساحل وانتشار التطرف والإرهاب والاتجار في البشر والهجرة السرية والمخدرات، مما يفرض تكتلا إقليميا لمواجهة كل هذه التحديات .

الكاتب : الدانمارك: البشير حيمري - بتاريخ : 04/01/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *