آليات التبعية والحركات الإسلاموية في العالم العربي (المغرب شبه نموذج)
عبد الله راكز
1/ في البدء :
بدون استهلال تقليدوي في الكتابة والتعبير، أود الإدلاء بالملاحظات التالية، وهي: أنه مع تزايد دور الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وكذا التضخم الهائل للمؤسسة العسكرية (وهذا إيجابي في بعض ملامحه وأهدافه الوطنية) تتعاظم أهمية بورجوازية الدولة، بمختلف فئاتها، التي تنزع بطبيعتها إلى تسخير المجتمع ومؤسسات الدولة بما فيها القطاع العام (هذا ما يجري الآن بالمغرب مع حكومة الباطرونا) ، لمصالحها الخاصة بشكل كاريكاتوري أحياناً ( تعيين كتاب دولة بشكل أكثر من غرائبي؟؟). بل هي تحاول الاستئثار بقسم هام من الفائض الاقتصادي (إن كان هناك فائض؟؟)، وفي ظل غياب الرقابة الديمقراطية ومع تزايد الاحتكارات الأجنبية، تتحول هذه الفئة المذكورة (أو شبه الطبقة) كأوليغارشية،ذ شريك أساسي للبورجوازية الاحتكارية الأجنبية، بل تصبح في بعض الحالات الأكثر مرارة، أهم سند اجتماعي محلي لتلك البورجوازية ؟ الغريب في الأمر، وهو الذي يهمنا، أن حكومة قضى فعل حركية 20 فبراير بالصدفة، وفي غياب يقظة اجتماعية-سياسية لدى القوى الديموقراطية(وكما حدث بمصر)، أن تتصدر المشهد السياسي، كرست كل ما قلناه، وأفقدت فئات من الشعب المغربي مكتسبات لطالما كافح من أجلها بالغالي والنفيس، على أي، كانت هذه تجربة قزمية طواها ويجب أن يطويها النسيان.
2/ في العمق وبعض من الاستشراف:
انطلاقاً مما سبق، وهو بعض من الأسئلة التي بحثت شخصيا عن إجابة عنها في برامج الحركات الإسلاموية المعاصرة(بمعنى الحاضرة الآن فقط)، وكتب أو أحاديث أو خطب زعمائها، وفي السلوك العملي لبعض مؤسساتها، وحتى بعض الدول التي توصف (بالإسلامية)،علني أجد ما يدعم فرضيتي حول إمكان، بل ضرورة تحالف جميع القوة الوطنية والتقدمية الأخرى مع هذه الحركات للنضال من أجل الخلاص من التبعية للرأسمال الأجنبي العالمي.
3/ في بعض الإجابات:
1/ لابد من القول أولا،إن الحركات الإسلاموية تختلف فيما بينها اختلافا بينا، وبالتالي لا يجوز للباحث الحديث عنها وكأنها حركة سياسية واحدة. ولن نتوقف عند التباين بين الاتجاهات السنية والشيعية واختلافاتها حول مسألة”الإمامة” وغيرها من المسائل، على الرغم من أن عددا من الباحثين يرى أن هذا التباين هام لتفسير الفروق بين الحركات الإسلاموية المعاصرة.
2/أكثر من هذا، وعلى سبيل المثال، نجد أن الحركات الإسلاموية في بلدان المشرق العربي ( وخاصة في سوريا)،أكدت خلال الخمسينيات على العروبة بالانتماء للأمة العربية،بل ودعت إلى الوحدة العربية إلى جانب تأكيدها على الرابطة الإسلامية، بينما لا نجد مثل هذا الخطاب في بلدان المغرب العربي، ويبدو أن الأمر واضح هنا، حيث هو متعلق بانتشار الفكر القومي العربي لدى معظم الحركات السياسية في المشرق العربي، والربط بين الوطنية والعروبة والرفض العام لأية دعوة لا تحمل طابعا عربياً، وبالأخص وجود نسبة هامة من المسيحيين بين سكان أقطار المشرق، أما في المغرب فالمشكلة غير مطروحة.
وبناء عليه، فبينما نجد بعض الحركات الإسلاموية تدعو مباشرة إلى ” الجهاد” لإسقاط الأنظمة الكافرة أو لإنهاء “الجاهلية” بناء على الحاكمية على طريقة فهم المودودي وسيد قطب …الخ.نجد(وهذا هو الأهم). حركات إسلاموية أخرى تعترف “بالشرعية القانونية للدولة القائمة على اعتبار أنها مختارة من لدن الشعب)هذا حال العدالة والتنمية بالمغرب)، وتسعى لممارسة حقها (وقد حققته كما سبق وأن قلنا كأول حكومة فقهاء بالمغرب)، معترفة بالآخر أو غير معترفة به، لا يهم، فللحركة الاجتماعية ديالكتيكها الخاص بها.
غير أن الغريب وحتى لا نختم، أن نموذج اختياراتها للنموذج الاجتماعي التي تريد وتخوض المعارك الانتخابية من أجله لايختلف البتة عن برنامج حكومة الباطرونا القائمة إلا في بعض الفروع أو قل في بعض التفرعات. وهذا ما يفيد في الأخير، كونها حركية تتغيا، مثل مثيلاتها مغربًا أو مشرقًا، أن تكون شريكًا، ولو بالأهداب، لبرجوازية الدولة دون أهلية، سوى أهلية الولاء.
الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 04/02/2025