إلى السيدة القيادية

عائشة زكري

 

استغربت من التدوينة التي أطلقتها في الفيسبوك على نتائج الانتخابات الجزئية الأخيرة والتي جرت يوم 04/01/2018 في شرق المغرب وبالضبط في مدينتي جرسيف والناظور حيث فاز فيها حزب الاتحاد الاشتراكي بمقعدين .هذه التدوينة التي ذكرت فيها «بأنه لا يمكنك القيام بقراءة سياسية لها لأن الانتخابات الجزئية لا تحتمل أية دلالة سياسية, وأن انتصاركم أو انهزامكم بل حتى مشاركم فيها من عدمها سيان ,لأنكم أصلا الحزب الأول بفارق كبير حصلتم عليه في الانتخابات السياسية السابقة».
سيدتي القيادية :لقد بدا لي هذا الكلام غريبا لأنه يحمل تناقضا منطقيا صريحا ,فكيف يكون للانتخابات الكلية مدلول سياسي بينما تفتقد جزئياتها هذا المدلول؟ أليس الجزء هو جزء من الكل ,وأن الكل هو مجموع الأجزاء المكونة له؟ فكيف لسيدة – قيل – إنها خريجة قسم الفلسفة أن تتنكر لأبسط مبادئ المنطق, والذي يعتبر من أولى الدروس التي يبتدئ بها التدريس في قسم الفلسفة.
وتابعت السيدة تدوينتها قائلة «بأن ما ستفعله بهذه الدلالات هو قراءتها قراءة راشدة تقود لتبني قرار تخفيف الوزن لأن الرشاقة أصلا شيء مطلوب».
,سيدتي : إن قراءتك هذه بعيدة كل البعد عن الرشد,فالرشد أصلا سمة للتعقل والتفكر , ومن يتنكر لمبادئ العقل والمنطق لا علاقة له بالرشد والترشيد وإنما يعرب عن صبيانية وغرور.
أما ما سميته بالرشاقة التي أصابت جسمكم, فأؤكد لك سيدتي إنها رشاقة أو نحافة ستتزايد وتتعمق بمرور الزمن, لأن للتاريخ منطق صارم ومعروف ألا وهو السير دائما إلى الأمام ,أي أن منطق التاريخ هو منطق التطور الذي ينفض عنه السلب الناقص غير الإيجابي والذي يمكن أن يعترض سفينته أحيانا ,خاصة حينما تعتريه أزمات التراجع والتوقف بفضل عوامل خارجية في أغلب الأحيان.
سيدتي :إن التهكم والشماتة والغمز واللمز صفات غير محمودة في ممارس السياسة , فالسياسة أخلاق قبل كل شيء, لأنها يجب ان تهدف إلى مصلحة الوطن .والعالم كله يدرك كيف ضحى حزب الاتحاد الاشتراكي من أجل تحقيق هذه الخدمة. ويكفيه فخرا أنه أنقذ البلاد من السكتة القلبية , لذلك أقول لك سيدتي لا تغرنك الأرقام فالاتحاد الاشتراكي رقم وليس ككل الأرقام, إنه الرقم الأساسي في المعادلة السياسية للبلاد ماضيا وحاضرا ومستقبلا ,ثم إن الاتحاد بقدر ما هو حزب وطني تقدمي اشتراكي حداثي ديموقراطي يؤمن بمبادئ أساسية هي التحرير, الاشتراكية ,الديموقراطية ,فإنه أيضا حزب واقعي يؤمن بالتحليل الملموس للواقع الملموس , لذلك فهو يطور تصوراته تبعا لتغير هذا الواقع, و يتخذ القرارات الحاسمة في اللحظات الحاسمة أيضا . ونظرة سريعة على أوراق ومقررات المؤتمر الوطني العاشر تعطيك الدليل والبرهان . نعم لقد كانت قراراتنا في هذا المؤتمر شجاعة وبناءة منها إعطاؤنا للتحالف مفهوما جديدا قائما على أساس البرامج ,وبذلك جعلنا من اشتراكيتنا اشتراكية منفتحة متطورة وليست ذات قوالب جامدة , لأننا حزب تقدمي نتقيد بالحاضر متجهين نحو المستقبل, ولسنا بحزب رجعي يسقط الماضي على الحاضر فنحن نود السير إلى الأمام وليس إلى الخلف.
من هنا لك أن تفهمي سيدتي تحالفنا مع الحزب الذي نعتي قائده «بفاتح الفتوحات الانتخابية».
مهلا سيدتي كان عليك أن تكوني أكثر لباقة في الوصف ما دمت تتحدثين عن الأغلبية المنسجمة . لكن لاأخفي عنك سرا إن قلت لك إنها بالنسبة لي عادة لمستها فيك من خلال تتبعي للقاءاتك في البرامج واللقاءات التلفزيونية حيث تلجئين في كثير من الأحيان إلى مثل هذه الأوصاف بل وإلى الصراخ حينما تفتقرين إلى الحجج والبراهين المنطقية.
وليكن في علمك سيدتي أن «فاتح الفتوحات» يؤمن بالحداثة والتحديث وهو مطلب أساسي وضروري بالنسبة لنا خاصة ونحن نواجه المد الأصولي الرجعي الذي يريد ضرب كل المكتسبات التي ناضل من أجلها كل الاتحاديين والاتحاديات لغرض إرساء الدولة المدنية الحداثية الديموقراطية. من هنا لك أن تفهمي سيدتي أن قرارات الاتحاد ليست عشوائية وليست عبثية , بل إن كل قرار وكل فعل وكل موقف إلا وينم عن عمق في التفكير وبعد النظر, فنحن أصحاب تاريخ مجيد مليء بالتجارب , لذلك حينما قررنا المشاركة في الحكومة فلأن تجاربنا فرضت علينا اختيار «النضال من داخل المؤسسات وليس من خارجها من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه» , لكن دون التفريط في مبادئنا الأساسية.
وفي الأخير أقول لك سيدتي إن الاتحاد مدرسة وأبناؤه معروفون بالجدية والتواضع والإخلاص والتضحية من أجل الوطن دون ان يبخلوا على كل من يريد الاستفادة من تجاربهم عله ينضج ويستقيم .

الكاتب : عائشة زكري - بتاريخ : 22/01/2018