الآثار السلبية للقطاع غير المهيكل والعشوائي على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني للبلاد

ادريس العاشري

إذا كانت جائحة كوفيد 19  أزمة صحية واقتصادية زعزعت وأربكت أرجاء العالم من دول متقدمة أو من العالم الثالث فإنها في نفس الوقت فضحت وعرت الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعتمد منذ عقود على تلميع  الواجهة والماكياج .
إذا كان المغرب قد استطاع أن يدبر أزمة كوفيد 19 بفضل التوجهات الملكية وإعطاء الأولوية لمعيشة المواطن المغربي  قبل ماهو اقتصادي ،فإن لغة الأرقام البعيدة عن كل الخطابات الديماغوجية تجعل الفاعل الاقتصادي-السياسي والمجتمع المدني، يقف على واقع يتطلب منا جميعا وضع إستراتيجية محكمة معتمدة على المحاسبة والمتابعة القضائية،  ضد كل من سولت له نفسه التلاعب بحياة المواطنين وكسب الأموال الطائلة بطرق غير مشروعة علة حساب الضمان الاجتماعي لليد العاملة المغربية والتهرب الضرائبي.
فاجعة طنجة، التي ذهب ضحيتها عشرات الأرواح البريئة التي خرجت تبحث عن لقمة عيش كريمة ولو على حساب صحتها وكرامتها، تؤكد على أن الاشتغال في القطاع غير المهيكل والعشوائي غير المراقب من طرف الجهات المختصة، يعد جريمة في حق المواطن المغربي و الأمن الاقتصادي والاجتماعي إن لم نقل إنه ظاهرة من الاستعباد والاستغلال.
أرقام بنك المغرب و المندوبية السامية للتخطيط، تؤكد على أن أكثر من 33%من النسيج الا قتصادي المغربي، يعتمد على القطاع غير المهيكل والعشوائي الذي يشغل ويستغل الآلاف من اليد العاملة خصوصا الأطفال والنساء بدون ضمانات اجتماعية ولا حقوق وبدون مساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد .
لو كان النسيج الاقتصادي المغربي منظما ومهيكلا، وجل العاملين يتمتعون بحقوقهم الاجتماعية والصحية التي ينص عليها القانون والتشريع، سوف لا نكون قد اعتمدنا بشكل كبير لضمان العيش المواطن المغربي في ظل أزمة كوفيد 19  على دعم صندوق كوفيد الذي أمر بإنشائه ملك البلاد واستفاد منه أكثر من خمسة مليون شخص.
واقع، يؤكد أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار الأمني لأي بلد، لايمكنه أن يتحقق بدون هيكلة وتنظيم النسيج الاقتصادي وضمان العيش الكريم لليد العاملة التي تعتبر الركيزة الأساسية لخلق الثروة ونمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد .
فاجعة المصنع السري لطنجة، ماهي إلا إنذار وإشارة قوية لمتابعة ومحاسبة كل المتورطين في استغلال اليد العاملة المغربية والتهرب الضرائبي باشتغالهم في قطاع غير مهيكل عشوائي يحقق أرباحا خيالية بدون مساهمة فعلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
إنها فرصة لكل الفاعلين السياسيين والا قتصاديين، ونحن نستعد للانتخابات، لاسترجاع الثقة للمواطن المغربي الذي يفتخر بوطنيته.

الكاتب : ادريس العاشري - بتاريخ : 10/02/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *