الإدارة الجوية لسماء الصحراء المغربية

 محمد أديب (*)

 

طالب المغرب، رسميا، إسبانيا بتسليم الإدارة الجوية لسماء الصحراء المغربية وجعلها تحت تدبير الرباط، هذا شرط طرحه المغرب قبل جولة المفاوضات القادمة بين البلدين على مستوى اللجان الرفيعة المستوى، ولكي نضعكم في الصورة، منذ خروج إسبانيا من الصحراء المغربية في نونبر 1975 ظلت مدريد تدير الملاحة الجوية للإقليم وتحافظ على هذا الحق رغم عدم وجود سيادة إسبانية فيه، لأنه عندما تأسست منظمة الطيران المدني الدولي «إيكاو» سنة 1944 كانت الصحراء المغربية مجرد مستعمرة إسبانية تابعة لسلطة مدريد، ولأن المنظمة تلعب دور تنظيم عمليات الملاحة بين الدول وعمليات عبور الحدود وتسهيلها ومنع المخالفات، وليس لها أي دخل في مسألة السيادة والحدود المتروكة لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لم تعر المنظمة أي أهمية لطبيعة المتحكم على الأرض لأن ما يعنيها هو الجو لا البر ولا البحر، فتركت الوضع على ما هو عليه في أجواء الصحراء المغربية، أي تحت تدبير أبراج المراقبة في جزر الكناري، المسألة طبعا ليست معقدة بالنسبة للرباط، التي تجاهلت الأمر ومارست سلطتها الداخلية انطلاقا من مبدأ السيادة الترابية ولم تتعامل قط مع مركز الملاحة الإسباني في الكناري وسيرت طائراتها ومطاراتها وخطوطها الجوية المحلية والدولية وفق تنظيم خاص لا يخضع في أي حال من الأحوال لتدبير الإسبان، لكن اليوم وكما قلنا في بداية الكلام، المغاربة يضغطون على الإسبان للتخلي الكامل عن حق تدبير المجال الجوي للصحراء، والتنازل عنه لصالح الرباط في «الإيكاو»، القضية إذا تحققت ستكون (بالنسبة لتحليلاتنا) أكبر مكسب جيوسياسي مغربي في قضية الصحراء يفوق الاعتراف الأمريكي، وهو بنفس حجم انتصارات حرب الصحراء التي خلدها الجيش المغربي بقيادة الحسن الثاني رحمه الله، لأن الأخير سيطر على البر واليوم نحن نسيطر على البحر وحتى الجو، لو سارت الأمور كما خطط لها.
وعلى ذكر البحر، قضية ترسيم الحدود البحرية والتفاوض مع الإسبان لتطبيق بنود وشروط اتفاقية «مونتيغو باي» 1982 ثم الإدراج ضمن لوائح لجنة الجرف القاري التابعة للأمم المتحدة، هي قضية رغم تفوقنا فيها تبدو صعبة ومعقدة بالمقارنة مع قضية إدارة المجال الجوي للصحراء التي أراها سهلة جداً، لأنه قانونيا حسب قانون «الإيكاو»، الأمر لا يتعلق أبدا بمفهوم السيادة بل بمفهوم التدبير، لأنه فعليا توجد دول مستقلة معترف بها من طرف كل أعضاء الأمم المتحدة ومجالها الجوي تتم إدارته من طرف دولة أخرى، وخير مثال قطر والبحرين، قطر مجالها الجوي لم تتحكم فيه حتى سنة 2021، إذ كان لمدة 50 سنة خاضعا لسيطرة البحرين، حيث أن البحرين كدولة، تأسست في غشت 1971، ثم بعد 3 أشهر من ذلك تأسست دولة قطر لكن بريطانيا قبل انسحابها من قطر تركت قضية تدبير الأجواء القطرية للبحرين، وحافضت المنامة على هذا الحق طوال ال50عاماً الأخيرة، بل عندما حلت الأزمة الخليجية أو ما يعرف إعلاميا بحصار قطر 2017، قامت البحرين بفرض حظر جوي واسع النطاق على جميع الطائرات المسجلة في قطر، ومنعتها من الطيران منها وإليها أو عبر أجوائها…
يعني أن قضية تدبير الأجواء بالنسبة لنا لم تشكل أي عائق سابقا، فنحن لسنا دولة ضعيفة، عسكريا وسياسيا، كي تفرض علينا إسبانيا حظرا جويا، إننا نتحكم في مجالنا الجوي فعليا، ونحن الآمر الناهي فيه، وإن أجبرنا إسبانيا على التنازل عن إدارة الملاحة في «الإيكاو» ستكون القضية مكسبا آخر وضربة معلم…
(*) عضو المكتب الوطني
للشبيبة الاتحادية

الكاتب :  محمد أديب (*) - بتاريخ : 14/01/2023

التعليقات مغلقة.