التوجه الاستراتيجي الفلسطيني وبناء الجبهة الوطنية

بقلم : سري القدوة

إن ما يسمى بصفقة القرن الأمريكية للسلام، هي صفقة ليست لإحلال السلام، بل لتدمير وقتل القضية الفلسطينية، وخطة فاشلة لا تعبر عن الواقع بأي صلة، وما يتم طرحه هو وصفة لإعادة إنتاج الاحتلال بأشكال جديدة، وإحكام سيطرته العدوانية على الضفة الغربية، ومصادرة وضرب الحقوق الفلسطينية، ومؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية من خلال استكمال فرض حقائق على الأرض، تمكن الاحتلال من السيطرة على الأرض الفلسطينية.
وفي هذا السياق، تشير الوقائع المتلاحقة إلى أن خطة الضم، ستكون مكونا مركزيا في برنامج ما يسمى حكومة الطوارئ الوطنية، التي تم الاتفاق بين قيادات العنصرية الاسرائيلية على تشكيلها، بعد نجاح نتنياهو في تفكيك تكتل أزرق – أبيض بزعامة العنصري بيني غانتس، وهو نجاح وظّفت له عوامل عدة لتحقيقه في مقدمتها أزمة جائحة كورونا، وانشغال دول العالم بمواجهتها، فيما يستعد حليفه الاستراتيجي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدعم خطط الضم، ومن أجل تعزيز وضمان شعبيته المتراجعة والمنهارة قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
لقد بات واضحا أن المسرح السياسي لدى دولة الاحتلال والولايات المتحدة، جاهزا لمشهد الضم القادم، باعتباره الحلقة الأبرز ضمن مخطط تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يتطلب ردا فلسطينيا استراتيجيا على هذا التحدي والمؤامرات الشرسة، التي تشهدها المنطقة العربية والعالم بأسره، وإنه بالرغم من الانشغال الفلسطيني والإقليمي والعالمي بمواجهة تداعيات وباء أزمة كورونا، وهو ما يستدعي ضرورة أن يتحمل الجميع المسؤولية، والعمل على حشد الموقف الدولي الداعم للنضال الفلسطيني لمواجهة هذه المؤامرات، التي تحاك للنيل من شعبنا، وقضيتنا الوطنية، والانطلاق لتعزيز الصمود، والتصدي للتحديات والمخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية، والتعامل مع المعطيات المتاحة لتوفير المناخ الوطني، وتعزيز التلاحم الشعبى، والعمل على تفعيل الخيار الأهم والأوحد للشعب الفلسطيني، وتجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار الكل الوطني من أجل استنهاض قدرات الشعب الفلسطيني، وإطلاق طاقاته المتاحة والكامنة حتى يستطيع فرض إرادته ومصالحه بالتغيير.
إننا بحاجة إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، والمضي نحو تجسيد الوحدة الوطنية عمليا على أرض الواقع، والتصدي للاحتلال العنصري، ومخططات تهويد القدس، وضم الضفة الغربية. ولا مجال هنا لسياسة القفز عن الحقائق، واللف والدوران. ولا مجال للوقوف وإطلاق شعارات رنانة وبراقة، ومبادرات وهمية. فحقيقة الأمر أننا نحتاج إلى وحدة وطنية قوية وحقيقية. وهذا ما يطمح له الشعب الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة التي نعايشها، وليس مهادنة الطرف المعطِّل للمصالحة وتسويق مبادرات وهمية جديدة.
إن التصدي للمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية في ضوء الشروع في تنفيذ ما يسمى صفقة القرن الأمريكية ، يبقى المهمة الأولى الملقاة على عاتق الشعب الفلسطيني وقيادته أينما تواجدوا، والعمل على إحباط هذا المخطط، وإن أي خروج عن هذا الاجماع الفلسطيني، يعد عملا غير أخلاقي ووطني، وتساوق مع مخططات ومشاريع الاحتلال، وضرب لمقومات الصمود، وخيانة للوطن والانتماء والقضية الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب من الجميع ضرورة التصدي لهذه المؤامرة البشعة، التى تستهدف تصفية وجود الشعب الفلسطيني مع أهمية تفعيل عناصر العمل الوطني، وأن يتحمل الجميع المسؤولية كل من موقعه وقدراته، والعمل على توفير المتطلبات والآليات اللازمة لضمان إعادة تشكيل التوجه الاستراتيجي الفلسطيني، وبناء الجبهة الوطنية بالتوازي مع بلورة خطة وطنية شاملة، للتصدي لأزمة كورونا، وتعزيز صمود الفلسطينيين، وقدرتهم على إحباط المخاطر المحدقة بقضيتهم وحقوقهم الوطنية.

سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

الكاتب : بقلم : سري القدوة - بتاريخ : 11/05/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *