الزلزال ضرب المغرب بالحوز والأقاليم المجاورة .. «إذا قال الرَّجُل: هَلَكَ الناس، فهو أهلَكُهم» أو «أهلكَهم» حديث

مصطفى المتوكل الساحلي

تعرضت الديانات التوحيدية، عبر تاريخها، للتآمر والتهجم على الأنبياء وعلى الرسالات السماوية، التي جاءت لتعلم وتوجه وتؤطر وتؤهل الناس للخروج من ظلمات البدائية والجهل وحيوانية العيش سلوكا وطريقة ..إلى عوالم ومجالات الأنوار التي سترقى بالإنسان تدريجيا ليكون قولا وفعلا وصدقا وحقا قادرا على معرفة وفهم ما يبلغه الرسل والأنبياء سواء كان مصدره الوحي أو عن توجيه وتعليم منهم للناس …
من المعروف أنه في كل حقبة وكل رسالة يوجد تباين في مستوى التجاوب والاستيعاب والتقبل والإتباع أو الرفض والمواجهة بكل الطرق بما فيها قتل المرسلين ومحاربة المؤمنين وتزوير وتحريف الوحي والوصايا والسنن، وحشوها بكل مسببات الفتن والتفرقة التي تروج ل»مسيلمات» جدد من تلامذة قارون «، قال تعالى : “إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم..» القصص، وأشباه الروافض والخوارج، ومن يمتهن عقيدة تكفير حتى من يؤمنون بنفس الرسالة ..إنهم يعلمون علم اليقين أنه لا رسول ونبي بعد سيدنا محمد إلى أن تقوم الساعة، فالتجأوا إلى المناورة والخداع بتهيئة بعض زعمائهم واعتمادهم كبدائل للتحكم في الناس ورقابهم وحرياتهم وعيشهم..
فبعضهم يروج بأن كل المسلمين في ضلال إلا من هم أتباع مذهبهم وإيديولوجيتهم ؟؟والبعض من ديانات أخرى كان يبيع صكوك الغفران لدخول الجنة، ولقد ابتدع البعض في عصرنا هذا توصيفات مخالفة للمنهج الإلهي في الرسالات ولروح أصول الإسلام وأصول السنن الصحيحة وسياقات جوهرها وغاياتها النبيلة والإنسانية فسموا أنفسهم، تزويرا وتضليلا، الحزب الذي لا حزب غيره وبعده، وكأنهم “سدنة المعابد «وأوصياء على الرسالات السماوية وجب على الناس اتباعهم في كل شيء حتى في الاختيارات السياسية والثقافية، ومن لم يفعل ذلك يطاله عقاب وعذاب منهم إن كانوا حكاما كما وثق التاريخ مصائبهم ، ودعموا ذلك بأن غضب الله سيطالهم في الدنيا أو الآخرة أو هما معا، بـ: الزلازل والبراكين والفيضانات والأعاصير والجفاف .. فإن أصابت مصيبة من هو منهم ومعهم فيفسرونها بأنها قضاء وقدر ومن سنن الخلق، وأنها ابتلاء للأحياء لتقوية إيمانهم وتقويمهم، ومن توفاه لله منهم فهو شهيد وفي الفردوس الأعلى …
إن أسباب الموت متعددة: فالتاريخ يسجل أن بعض الحكام الظلمة المستبدين والمتصارعين على الحكم منذ قرون قبل الإسلام وبعده .. قتلوا من الناس ما لم تقتله أغلب الزلازل التي شهدتها الأرض منذ الأزل، وضحاياهم قد يكونون من عقيدتهم سماوية كانت أو وثنية، كما أن الظواهر الطبيعية من أعاصير وفيضانات و»تسوناميات»، والعواصف التي يرتبط حدوثها بآيات هي قوانين تنظم وجودها وحياتها المرتبطة بالأرض ..
إن البعض في العصور الغابرة وعصرنا الحديث لم يستوعب معجزات وآيات النشأة والخلق وضوابط وآليات وقوانين التطور ، ولو تأملوا بمنهج سليم العديد من الآيات القرآنية لوجدوا أجوبة رصينة دقيقة عن “ الرتق” و“الفتق” وتكون النجوم والكواكب والأجرام والمجرات وحركاتها مفردة ومجتمعة بانتظام محكم، وحركة الأرض في علاقة مع المجموعة الشمسية ومع الأجرام والأكوان الأخرى، وحركة الصفائح التي تحمل القارات وتحرك الجبال والنتائج المترتبة عن ذلك، التي تحصل وستحصل إلى أن تطوى السماوات والأرضين كطي السجل للكتب ..
كما أن الأوبئة والجوائح والأمراض وحوادث السير ..إلخ تتسبب في وفاة الكثير من الناس، ويؤكد الدين أن الموت يهم كل الأحياء وأنه مقدر وأسبابه متعددة لاحصر لها، قال تعالى : « كُلُّ مَن عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ « الرحمن.
لقد سمى الإسلام العديد من المتوفين بالشهداء والشهيدات، عن أبي هريرة رضي لله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ للَّه -صَلّى للهُ عَلَيْهِ وسَلَّم-: «الشهداء خمسة: المطعون والمبطون، والغريق، وصاحب الهَدْمِ، والشهيد في سبيل لله»…
وفي سياق تطاول المتنطعين على قدرات لله وإرادته وحكمه وتطفلهم، بشكل فج، على ما هو في حكم الغيب الذي لا يعرفه إلا الخالق من حقيقة الإيمان ودرجته وصدقية الاعتقاد والنوايا ومستوى خشية الله …، نذكر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال الرَّجُل: هَلَكَ الناس، فهو أَهْلَكُهُم»، ورُوِيَ: «أهلكَهم» بضم الكاف ، وفسر قوله “ فهو أهلكُهم « ، يعني: فهو أشدهم هلاكاً..وأسبقهم للعقاب وأحقهم به، وفي رواية «أهلكَهم» بالفتح أي هو من تسبب في هلاكهم، قال الإمام مالك (ض) معناه أفلسهم وأدناهم،
إن الناس يعملون ويحيون في سبيل الله : إنهم الساعون من أجل الخير والصلاح، والعاملون من أجل عيش أبنائهم وأسرهم وأهلهم، والمتطوعون في فعل ما يفيد البشر باحترام لكرامتهم وعزتهم، والمنفقون المتضامنون في السراء والضراء مع شعبهم للتخفيف من الألم والفقر والخصاص وآثار الكوارث والمصائب، وإنهم الذين يكونون كالبنيان المرصوص يشد بعضهم بعضا بمحبة وإنسانية وأخوة في الله لارياء فيها ولا سمعة..إن كل هؤلاء ومن هم على نهجهم في سبيل الله ..
رحم لله شهداء الشعب المغربي وأسكنهم الفردوس الأعلى، وعوض لله أهلهم والشعب المغربي الصبر الجميل والثواب الجزيل، وليفتح لله لهم أبواب التنمية الشاملة والتقدم وفك العزلة عنهم ولييسر لهم ولكل المتدخلين إنجاز وتحقيق انتظارات الساكنة: المتضررين وغير المتضررين بالأطلس المغربي الكبير ومعه الصغير والمتوسط، وما هذا وغيره بعزيز وغير صعب على الدولة والشعب المغربي وكل الخيرين.

الكاتب : مصطفى المتوكل الساحلي - بتاريخ : 02/10/2023

التعليقات مغلقة.