القرار الأممي حول الصحراء المغربية: انتصار دبلوماسي تاريخي يجسد حكمة جلالة الملك ووحدة الشعب المغربي

  عمر أعنان (*)

 

في لحظة فارقة من تاريخ المغرب الحديث، صوّت مجلس الأمن الدولي لصالح مقترح الحكم الذاتي كإطار وحيد وواقعي لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، في قرار تاريخي يؤشر على تحول نوعي في مسار هذا الملف الذي شغل المنتظم الدولي لأكثر من نصف قرن.
وقد جاء هذا القرار الأممي ليكرّس عدالة الموقف المغربي ومصداقية مقاربته السياسية والدبلوماسية، ويعترف ضمنيا بنجاعة الرؤية الملكية السديدة التي جعلت من مبادرة الحكم الذاتي مشروعًا متقدّمًا للحكم الرشيد والتنمية والاندماج الوطني.
خطاب ملكي سامٍ يؤسس لمرحلة جديدة

جاء خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، عقب هذا القرار التاريخي، ليعبّر عن عمق اللحظة ودلالتها التاريخية. فبافتتاحه بالآية الكريمة: “إنا فتحنا لك فتحا مبينا”، رسم جلالته ملامح مرحلة جديدة من الفتح الوطني والسيادة المكتملة.
وقال جلالته: “بعد خمسين سنة من التضحيات، نبدأ فتحًا جديدًا في الطي النهائي للنزاع المفتعل على أساس الحكم الذاتي”، في إشارة واضحة إلى أن 30 أكتوبر 2025 يمثل فاصلاً بين مرحلتين: ما قبل القرار الأممي وما بعده.
إنّ هذا الخطاب الملكي يعبّر عن رؤية استشرافية وحكمة سياسية عميقة، تؤكد أن المعركة لم تعد معركة دبلوماسية فحسب، بل أصبحت معركة بناء وتنمية وتثبيت لمكتسبات الوحدة الترابية، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك.
قرار أممي يعكس الإجماع الدولي حول مغربية الصحراء

لقد صوّتت 11 دولة من أصل 15 في مجلس الأمن لصالح القرار، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، وبريطانيا، إلى جانب دول أخرى مؤثرة، في حين امتنعت ثلاث فقط، مما يعكس اتساع دائرة التأييد العالمي للموقف المغربي، وتراجع منطق الانفصال والعزلة الذي تعيشه الأطراف الأخرى.
القرار الأممي أكد بوضوح أن مبادرة الحكم الذاتي هي الحل الواقعي الوحيد القابل للتطبيق، ودعا الأطراف كافة إلى الانخراط في المفاوضات دون شروط مسبقة، في إطار من الواقعية وروح التوافق.
إشادة وتقدير للقوات المسلحة الملكية ومختلف الأجهزة الأمنية

وفي هذه المناسبة الوطنية المجيدة، لا يسعني إلا أن أعبّر، كنائب برلماني، عن أسمى آيات التقدير والامتنان للقوات المسلحة الملكية الباسلة، تحت القيادة العليا لجلالة الملك القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة.
كما أحيي الجنود المرابطين في صحرائنا العزيزة، وجنود الدرك الملكي، والأمن الوطني، والقوات المساعدة، الذين يجسدون أروع صور التضحية والإخلاص في الدفاع عن الوحدة الترابية وحماية الأمن والاستقرار.
فبفضل تضحياتهم، يظل المغرب حصنا منيعا، موحدًا في أرضه، شامخًا في كرامته، ومصمما على تحقيق التنمية في كل شبر من ترابه.
تهنئة صادقة لجلالة الملك وللشعب المغربي

بهذه المناسبة التاريخية، أتقدم باسمي وباسم كل أبناء هذا الوطن العزيز بأسمى عبارات التهاني والتبريك إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، راجيا من العلي القدير أن يديم على جلالته الصحة والعافية، وأن يوفقه في مسيرته نحو ترسيخ مغرب موحد، مزدهر، ومتصالح مع ذاته.
كما أهنئ كل المواطنات والمواطنين على هذا الانتصار الدبلوماسي العظيم الذي يعكس قوة التلاحم بين العرش والشعب، ويجسد إيمان المغاربة بعدالة قضيتهم الوطنية، ووحدتهم الراسخة حول ثوابت الأمة.
من معركة الصحراء إلى معركة التنمية
إنّ ما تحقق اليوم هو ثمرة خمسين سنة من النضال والإصرار، وهو بداية فتح جديد كما قال جلالة الملك، فتح للتنمية والبناء وتعزيز الديمقراطية في أقاليمنا الجنوبية، وفي كل ربوع الوطن.
إنّ المرحلة المقبلة تقتضي تعبئة وطنية شاملة لترجمة هذا النصر السياسي إلى مشاريع تنموية واقتصادية واجتماعية وثقافية تعزز الوحدة الوطنية وتكرّس مكانة المغرب كقوة صاعدة في محيطه الإقليمي والدولي.
فالمغرب اليوم، بفضل قيادته الحكيمة ووحدة شعبه، يكتب صفحة جديدة من تاريخه المجيد، عنوانها الثقة، والسيادة، والكرامة، والتقدم.
(*) نائب برلماني

الكاتب :   عمر أعنان (*) - بتاريخ : 02/11/2025