القضاء الإسرائيلي والتغطية على جرائم الاحتلال

سري القدوة

ما تسمى منظومة القضاء لدى دولة الاحتلال العنصري الإسرائيلي تثبت، من جديد، أنها جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال العسكري القائم بالقوة والمخالف لكل القوانين الدولية وتشريعات حقوق الإنسان، وتعمل لتسهيل وتنفيذ مخططاته ومشاريعه الاستيطانية التوسعية ومؤامرات تهويد الأرض الفلسطينية والتستر على جرائم الحرب مثل جرائم القتل خارج إطار القضاء وهدم المنازل السكنية والتعذيب، والتي تتم بتغطية من القضاء وبموافقته واستمرار استخدام وسائل التعذيب ضد المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال ومراكز التوقيف مما أدى إلى استشهاد العديد منهم أثناء التحقيق معهم حيث يتجاهل القضاء الإسرائيلي تلك الانتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان.
القضاء الإسرائيلي يحاول شرعنة عمليات القمع والتنكيل والقتل والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه بالعيش بحرية وكرامة أسوة بشعوب العالم حيث ينص قانون الأضرار المدنية، الذي إن تم إقراره خلال السنوات الماضية، بمنع أي فرصة لحصول الضحايا على التعويضات إزاء الأضرار التي تعرضوا لها من قبل الاحتلال وأنه في جميع الأحوال لا تنطبق تلك المنظومة القضائية في عملها وقراراتها من أية قوانين أو أنظمة، سواء محلية أو دولية، وهي مخالفة للقوانين الصادرة عن الأمم المتحدة وميثاق جنيف لحقوق الإنسان.

وهذا ما يتضح جليًا من خلال التقارير الدولية التي تصدر عن مؤسسات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث يؤكدون دوما أن النيابة العسكرية في دولة الاحتلال تتستر على جرائم جيش الاحتلال ولا تقوم بمتابعة تنفيذ ما يقترف من جرائم على أيدي جنود الاحتلال، ويأتي ذلك امتدادًا لدورها في التغطية على جرائم جيش الاحتلال ومستوطنيهم، بدءًا من إخفاء الأدلة وتوفير أبواب الهروب القضائية للمجرمين والقتلة في إطار محاكم هزلية تؤدي إلى تبرئة القتلة.
النظام القضائي لسلطات الاحتلال، الذي ينظر في مسألة ترحيل العائلات المقدسية من حي الشيخ جراح، بات يشكل غطاء للسياسات التي يمارسها الاحتلال بحق أبناء شعبنا في جميع الأراضي المحتلة، وهي السياسات التي تعد انتهاكا للقوانين الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان مرورا بالتقرير الذي نشرته منظمة هيومن رايتش ووتش الدولية مؤخرا وكشفت فيه أن سلطات الاحتلال ترتكب جرائم الفصل العنصري والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني.
وفي ظل ذلك تحاول سلطات الاحتلال السيطرة على أملاك المقدسيين عبر فرض ما يسمى بإجراءات التسوية التي تحيل المقدسيين المرابطين على أرضهم والمحافظين على ممتلكاتهم إلى ما يسمى بقانون أملاك الغائبين لتبرير تجريدهم من أراضيهم والاستيلاء على أملاكهم وإخلاء منازلهم بالقوة، وأنه حان الوقت لتدخل المجتمع الدولي لوقف تلك السياسات الخطيرة وتداعياتها على المنطقة ووقف كل الإجراءات التي تقوم بها السلطات القائمة بالاحتلال لتسوية قضايا مصادرة الأراضي في مدينة القدس لأنها لا تملك الحق بذلك.
باتت هذه المعطيات تؤكد، مرة أخرى، الدور الذي يقوم به جيش الاحتلال في قتل وتصفية الشعب الفلسطيني ومصادرة أراضيه، وهذا الأمر يتطلب ويستدعى التدخل العاجل من قبل الأمين العام للأمم المتحدة لتثبيت تلك الجرائم والعمل على اتخاذ ما يلزم لوقف ترحيل أهالي حي الشيخ جراح في القدس ولا بد أن تقوم المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق شامل عن تلك الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني في حروبه ضد قطاع غزة أو خلال سياسته الاستيطانية الاستعمارية في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.

سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com

الكاتب : سري القدوة - بتاريخ : 06/08/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *