المرحوم اليوسفي طبع التاريخ السياسي المغربي بالاستقامة و الصلاح و كان رمزا للكفاح و التضحية لم يلهث وراء شهوة مال أو منصب، غايته المثلى مصلحة بلده

ذ . علي المرابط الورزازي

قبل الشروع في الموضوع كان من واجب الاتحاديين و الاتحاديات توجيه الشكر الجزيل لجلالة الملك محمد السادس نصره الله نصرا عزيزا، و أدام عليه الصحة والعافية لعنايته و اهتمامه بصحة المرحوم اليوسفي طيلة مرضه إلى وفاته، سائلين الله ان يمطر عليه شآبيب الرحمة و الرضوان و يسكنه فسيح جنانه و يحبب لنا الاقتداء به .
لم يكن رحيل اليوسفي خسارة لا تعوض بالنسبة لحزب الاتحاد الاشتراكي وحده، بل كان كذلك خسارة للمعارضة الوطنية بكل فصائلها ومخاطبيها في مؤسسات الدولة. وجماهير المواطنين الشرفاء كلهم يشاطروننا الإحساس الأليم، فقد الفقيد كان بحق ركنا رئيسيا في مجتمعنا ومنبعا للرأي والتوجيه في حياتنا السياسية ، يتميز بالزهد و التواضع والحكمة و الصدق والإخلاص، كان من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا . أعطى للمغرب تضحيات جساما قبل استقلاله وبعد استقلاله من أجل مصلحة البلد و مواطنيه . ناضل من أجل الحرية و حقوق الإنسان وكل القضايا المشروعة والعادلة داخل المغرب وخارجه. كان يتحلى بالمبادئ و القيم الأخلاقية ما جعله يكسب الاحترام والتقدير من طرف الجميع داخل المغرب وخارجه .استجاب لنداء الملك الراحل لإنقاذ البلاد من السكتة القلبية كما عبر عنها المرحوم الحسن الثاني، وهي في الحقيقة الأزمة السياسية التي أوشكت أن تؤدي بالبلاد إلى الهاوية، كما أنه رحمه الله شارك في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير والعمال والصحافة . كان بالفعل مناضلا في جميع الميادين علما من بأنه لم يعش إلا بنصف الرئة حيث تم بتر واحدة و نصف، و مع ذلك بقي مهتما بالحزب والوطن إلى أن انتقل إلى جوار ربه، والواجب النضالي يقتضي هنا الاقتداء به كاتحاديين حيث استفدنا منه كثيرا طيلة الفترة التي قضاها في الحكومة و هو كاتب أول للاتحاد الاشتراكي، لم يفته الحضور مع أعضاء اللجنة الخارجية للحزب. لا يتكلم كثيرا .ومهما كان الحديث معه يقتصر ويرد بكلمة جامعة ومانعة (طيب) و قيل لنا في احد اجتماعات اللجنة المركزية حيث استمر النقاش طويلا ليث تعملون أكثر مما تتكلمون . هكذا فإن رحيله طبع المشهد السياسي في المغرب بنضاله و عطائه وكذا دوره في الثورة الجزائرية و القضية الفلسطينية .
وقبل الإشارة إلى سيرته الذاتية، أنقل جزءا من كلمة تأبينه للمرحوم عبد الرحيم كما يلي : قسما يا أخي عبد الرحيم إننا لجهادك لمواصلون، وما ضحيت من أجله لمتشبثون، ولتراثك النضالي لحافظون، رحمك الله و أسكنك فسيح جناته مع الشهداء والصديقين. وإنا لله و إليه راجعون. و بالفعل فقد أوفى بعهده حيث إن المغرب انتقل من الجمود إلى التغيير في جميع المجالات، كما أنه فتح مجالا لدور النساء، وأخرج المغاربة من القمع إلى الحرية .
اما بالنسبة للسيرة الذاتية المتعلقة بالفقيد، فيمكن تلخيصها فما يالي :
– ولدفي 6 مارس 1924 في طنجة .
– درس الابتدائي في طنجة .
– تابع دراسته الثانوية بثانوية مولاي يوسف بالرباط سنة 1943 و تعرف هناك على المهدي .
– طرد من الثانوية لمشاركته ومساهمته في اندلاع المظاهرات بعد تقديم وثيقة الاستقلال .
– عضو في حزب الاستقلال سنة 1944 .
– تابع نشاطه التقافي والسياسي 1944-1990 بالدار البيضاء .
– عمل كمعلم و مدرس لعمال معمل كوزيمار للسكر بالدار البيضاء .
– كرس عمله من 1944 الى 1949 لتنظيم طبقة العمال بالدار البيضاء .
– سافر إلى فرنسا سنة 1950 و تابع دراسته بها .
– ساهم في تأسيس فرع حزب الاستقلال بفرنسا .
– حصل على ليسانس في القانون ، ثم على دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية و دبلوم المعهد الدولي لحقوق الإنسان .
– تم نفيه و عدم السماح له بالإقامة في فرنسا نظرا للدور الذي كان يقوم به وسط الجالية المغربية و حثهم على مناهضة الاستعمار .
– استقر بمدينة طنجة بعد انهاء دراسته بفرنسا 1953 .
– محامي لدى محاكم طنجة من 1952 إلى 1960 .
– نقيب المحامين بطنجة 1959 .
– واصل نشاطه من 1949 إلى 1952 لخدمة العمال المغارب المهاجرة في فرنسا .
– مشارك فعال في تنظيم و إدارة المقاومة و جيش التحرير وعينه المرحوم محمد الخامس أمينا عاما للمقاومة و جيش التحرير 1953-1956 .
– ساهم و شارك في اندلاع الثورة الجزائرية في نونبر 1955 .
– قدم للملك الراحل محمد الخامس أعضاء الثورة الجزائرية ( مجمد بوضياف ، احمد بنبلة ، احمد ايت الحسين ، محمد خيضر ، مصطفى الأشرف ) المختطفين من طرف الطيران الفرنسي في 22 اكتوبر 1956 .
– لعب دورا حاسما في اعادة مؤتمر طنجة لوحدة المغرب العربي المنعقد من 27 الى 30 ابريل 1958 .
– من صانعي و مهندسي الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال .
– كاتب في شؤون التوجيه لحزب الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال 6 مارس 1959
– كاتب عام للجامعات المتحدة لحزب الاستقلال بطنجة .
– من مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية 1959 .
– ترأس اشغال المؤتمر الوطني التأسيسي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية 1959 .
– عضو الكتابة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية 6 مارس 1959 .
– رئيس التحرير لجريدة ( التحرير ) 1959-1963 .
– ثم اعتقاله في 15 دجنبر 1959 .
– تم توقيف جريدة التحرير من 15 دجنبر 1959 إلى نونبر 1960 .
– أعيد انتخابه في الكتابة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية في المؤتمر الوطني الثاني ماي 1962 .
– اعتقل سنة 1962 .
– ساهم في تأسيس النقابة الوطنية للصحافة سنة 1963 .
– شغل منصب أمين مساعد عام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية من سنة 1963 الى سنة 1977 .
– تم اعتقاله مع جميع أعضاء اللجنة الإدارية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية المجتمعة في 16 يوليوز 1963 و حكم عليه بسنتين مع وقف التنفيذ .
– كان محاميا للرئيس الجزائري احمد بنبلة و زملائه .
– حائز على جائزة أثناء انعقاد مجلس اللجنة التنفيذية للمنظمة العالمية للصحفيين ابريل 1964 بالجزائر .
– توجه في نونبر 1965 إلى باريس للدفاع عن عائلة المهدي بن بركة كطرف مدني و بقي منذ ذلك الوقت في فرنسا لمدة 15 سنة مختارا النفي .
– حكم عليه غيابيا في جلسات محاكم مراكش ( 1969-1975) و طالبت النيابة العامة بإصدار حكم الاعدام في حقه .
– الكاتب العام المساعد لاتحاد المحامين العرب من 1969 الى 1990 .
– عضو اللجنة الإدارية في انتفاضة 30 يوليوز 1972 .
– ساهم في المؤثر الاستثنائي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1975 من خلال الرسالة الصوتية التي بعثها من منفاه .
– مندوب عام لجريدة التحرير و المحرر و عضو المعهد الدولي للصحافة بسويسرا 1976 .
– عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ مؤتمر الثالث عام 1978 .
– صدر حكم بالعفو عليه في 20 غشت 1980 و عاد إلى المغرب في 18 اكتوبر في نفس السنة .
– تم انتخابه في المكتب السياسي للحزب في المؤتمر الوطني الرابع سنة 1984 .
– أصبح كاتبا أول في 15 يناير 1992 بعد وفاة عبد الرحيم بوعبيد .
– ساهم في تأسيس الكتلة الديمقراطية في 17 ماي 1992 .
– استقل من وظائفه السياسية بعد صدور نتائج الانتخابات التشريعية عام 1993 احتجاجا على ما وقع فيها من تلاعب و تزوير و ذهب إلى فرنسا في شتنبر 1993 .
– ثم عاد بضغط من المناضلين و المناضلات في يوليوز 1995 .
– تسلم جريدة الاتحاد الاشتراكي في 29 يوليوز 1995 .
– شارك في المشاورات الدستورية و الانتخابات 1996 .
– عين وزيرا اول للحكومة المغربية في 4 فبراير 1998 .
– شكل حكومة التناوب في 14 مارس 1998 .
– انتخب كاتبا اول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المؤتمر الوطني السادس 2001 .
– تمت إقالته من منصب الوزير الاول في 9 اكتوبر 2002 .
– صاحب المنهجية الديمقراطية بعد انتخابات 2001 .
– قدم استقالته و اعتزال السياسة في 27 اكتوبر 2003 .
– استقال من مهمة إدارة جريدة الاتحاد الاشتراكي في 31 اكتوبر 2003 .
و الجدير بالذكر أن الثلاثي بن بركة – بوعبيد و اليوسفي كانوا من المناضلين الأوفياء الذين يشتركون في تصور حول الدفاع من أجل الاستقلال و الديمقراطية و حقوق الإنسان وبالأساس اختاروا السياسة كأخلاق و الدفاع عن مصلحة الوطن والمواطنين ولم يعملوا لمصلحتهم الخاصة .
اما من يرغب في معرفة تفاصيل سيرته الذاتية فليرجع الى مؤلفاته الثلاثة تحت عنوان احاديث فيما جرى .
شدرات من سيرتي كما رويتها لبودرقة .

الكاتب : ذ . علي المرابط الورزازي - بتاريخ : 16/06/2020