المغرب ورهاناته في زمن كورونا
عبد الرحمان رفيق*
إن إبطاء معدل انتشار الوباء، من خلال تسطيح المنحنى أو تبطيئه، يمكن تحقيقه أسرع بالحظر الكامل، لكن تكلفة هذا الحظر التام باهظة جدا، لذا كان الخيار البديل هو الحظر الجزئي، الذي يتيح معادلة استمرار العمل والإنتاج مع إبطاء تقدم الوباء. هذه المهمة كانت تحتاج انصياعا شعبيا تاما لتعليمات الحظر والسلامة، لكن الانصياع هنا غائب، مما يعني أن هناك سيناريو اسوأ يمكن أن يحدث معنا، فهو ليس مستبعد الحدوث بل وارد جدا ؛ أي أن يخترق الفيروس أجساد الآلاف من أبناء الوطن، وفي ظل غياب الوعي سيتحول من الآلاف إلى الملايين، وقتها كل جهود الدولة ستصبح سرابا، وسيضرب الذعر والهلع البلاد. لذلك إذا لم نتكاثف مع الدولة ونكون جميعا في جسد الوطنية وإعلائها على كل رغباتنا ونزواتنا الشخصية سنغرق سويا.
فهدف الحجر الصحي هو ؛ تطويل المعركة بأكبر قدر وتقليل من الحالات الحرجة لأقصى حد ممكن، مع العمل على اكتساب المناعة على فترة طويلة، ثم زيادة كفاءة المؤسسات الطبية في نفس الوقت.
على هذا الأساس، يجب أن نشتغل حسب الإمكانيات التي نتوفر عليها التي تتجلى في شركات الملابس والنسيج، التي سوف تعمل على صناعة كمامات تكفي المغرب لسنوات، ومصانع مغلقة يمكن تشغيلها بمتطوعين، ومصانع الخمور يمكن أن تنتج كحولا وتبيعه بسعر التكلفة للتعقيم، ومصانع تنتج سريرا مجهزا بأجهزة التنفس من أجل العناية الطبية حتى و لو بمستوى متواضع، وتوفير أموال السلع غير الأساسية وأموال العمرة والحج وتوجيهها إلى المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية في القرى ومواد التعقيم والوقاية، وتحويل دخل الإعلانات في أجهزة الإعلام لمدة شهر إلى جهات مكافحة الوباء، وأيضا الاستعانة بطلبة كليات الطب وشباب المتطوعين.
زيادة على ذلك، فرض ضرائب على الأغنياء من أجل تمويل خزينة الدول، خاصة أن عددا كبيرا من هؤلاء كانت ثرواتهم من خلال إعفاءات ضريبية والحصول على أراضي الدولة بأسعار منخفضة، ولابد أن يتحمل الأغنياء المسؤولية الأكبر في مواجهة الأثار الاقتصادية للوباء، وتحقيق ذلك منوط بدور الدولة الحاسم وقيمتها ووزنها وجوهر وجودها الوظيفي في مثل هذه الظروف.
كما أن ( كوفيد-19)، هو حرب حقيقية علينا خوضها متكثفين ومتسلحين بالوعي والوطنية والثقة في ذاتنا وقدراتنا وقيادتنا – وعلى كلا منا القيام بدوره وبمهامه الموكولة إليه، وفي هذه المرحلة من حربنا مطلوب منا ( الطاعة ) لكل قرارات الدولة وتنفيذها لكي لا نربك خطوطنا وخطط الدولة. كلنا ملزمون بالالتزام في منازلنا واتباع أقصى سبل الوقاية والإبلاغ الفوري عن كل من يستغل انشغالنا بنشره للشائعات أو العصيان لقرارات الدولة. فحمايتك لنفسك وأسرتك هو حماية لمجتمعك بالكامل وحمايتك لمجتمعك هو حماية لوطنك ودورك في منزلك لا يقل أهمية بأي حال من الأحوال عن دور المقاتل العسكري على جبهات القتال، فهو يقاتل من أجل حماية جبهتنا الخارجية، وأنت تقاتل من أجل حماية جبهتنا الداخلية، وأي ثغرة في كلاهما أو تهاون سيخترق الوطن ونهلك جميعا .
وبالتالي فإن هذا الوباء يتلخص في القدرة على احتواء الانتشار، بمعنى أن عدد الحالات التي تحتاج لعناية مركزة تبقى على قدرة النظام الصحي في التعامل معها لحد ما.
ونعلم أن هناك بعض الأشخاص قد تعودوا في كل أزمات، أن يكتفوا بدور المشاهد وتسيطر عليهم السلبية أو الاستخفاف بكل قرارات الدولة وكأن الأمر لا يعنيهم، ولكن اليوم غير البارحة – والدولة تسعى جاهدة لاحتوائكم والاهتمام بكم وبحياتكم ( الحاله المعيشية – الصحة – التعليم ) ، لأن في جميع دول العالم كيف ما كان نظامها الاجتماعي يكون الإنسان أثمن رأس مال، لأنه الأساس الذي يستند إليه سلم صعودها.
لهذا الرهان دائما يكون على الشعوب وطلائعها،( حين وصولها لدرجة ما من الوعي والنضوج والتنظيم) ووقوفها خلف رايات قيم التقدم والعدل والإخاء الإنساني و مسلحة بخبرات تجاربها المريرة.
صفوة الكلام الوطن جسدنا، ولا ننفصل عنه حتى بعد موتنا، نرقد بين أحضانه وما يؤلمه يؤلمنا وما يسعدنا يسعده، لهذا نهيب بأبناء المجتمع المغربي أن يقوموا بدورهم في توعية أهلهم لأن الوعي أمانة ولا خير في علم وفهم لم يستفد منه الناس – انشروا الوعي في البيوت وحذروهم من التجمع في الأسواق وعليكم بالبسطاء من أهلنا، الذين يحتاجون لخطاب خاص بهم ليستوعبوا ما نقوله وأنتم منهم وخير من يتواصل معهم بقدر عقولهم.
- طالب جامعي
الكاتب : عبد الرحمان رفيق* - بتاريخ : 22/04/2020