تأملات في ظل الجائحة..
عبد الله راكز *
فعل الوحدة “اليسارية” الممتنعة كدواء للتشظي والوهن!!
إننا نعني هنا بالذات ومن دون زوغ أو التفاف، مشوار حركة اليسار عموما، وبالذات، ما اصطلح على تسميته سابقا باليسار الجديد».فيما نعني تقديرا،ما شرع في الإعداد له منذ مدة(وإلى الآن )، من لدن بعض من ، وليس كل قيادات المشوار السابق والحالي(على كل حال)،وأطر ومناضلين انخرطوا في مسيرة ذات المشروع النظري وليس التنظيمي(وهم كثر) ،من الإعداد لإطار سياسي ديموقراطي موحد، يوحد فعلهم ويلم شتات بعضهم، بالذات منهم، من تاهوا(من هذا اليسار الجديد!)،عن التجربة سياسيا وعجزوا بالفعل(إن بهذا الشكل أو ذاك)،عن الاستمرار في المساهمة في الحياة السياسية بالبلاد.بعد المتغيرات التي طرأت عليها. بنفس التصور البائت وأدوات وبرنامج !! الطور التأسيسي الجنيني المذكور.
والحال أن مؤسسي هذه الفكرة القديمة/الجديدة،نادوا منذ البداية إلى تأسيس القطب اليساري الموحد وما شكل،غير أنها(=الدعوة) وبالحيثيات التي اطرتها(وهي محض تكتيكية )،
واجهت ولا تزال الباب المسدود لاعتبارات عدة ليس مجالها واردا الآن. غير أن أهمها يكمن في كون هذه الأخيرة كتجربة(عشناها ولازلنا نعيش خيباتها على اكثر من صعيد)،بقيت رهينة طورها التأسيسي، بما هو فقط وفقط طور شهد من الغنى والحيوية على مستوى الجهد النظري،ما كفل استمرارها ولو على مضض،في السنوات التي تلت……
وواضح أيضا ،أن السنوات التي تلت بانفتاحها،شكلت ضمن عوامل أخرى (لسنا في معرضها الآن) دافعا أساسيا، لإعادة النظر الشامل في التصور العام وفي البرنامج(إن وجد فعلا؟) وغيره لديها. إذ لاشك، في أن إطاراتها (ومنها المحبطة بالتخصيص) التي كرست بما ليس فيه أدنى شك،الممارسات النزقة المتجاوزة، الأطر هذا اليسار جميعها، خلال الطور التأسيسي، المدموغة بممارسات ومسلكيات نغلة،مازالت تبصم بطابعها المميز حد النشاز بعض الإطارات المحسوبة عليه كسليلة له……..
لاعجب(وفقا بما ذكرناه سابقا)،أن تحارب الدولة أيا كانت،الوحدات الموضعية، لأن في قيامها تضييقا على هامش تصرفها بالتكتلات والقوى الأخرى، ضبطا لها،ومنعا لها من الانفلات من شرنقة حساب التوازنات السياسية والاجتماعية داخل المجتمع. وعليه فهي تبدو(=الوحدة) بالمقابل لدى التصور الدولتي (ويا للمفارقة)..أداة سيطرة على التوازنات المذكورة، بل آلة سحق وضبط للقوى المعارضة على نحو من الأنحاء (وقد حصل هذا سابقا)،من خلال ما شاهدناه(ويمكن أن نشهده من جديد) من دعوات مبتذلة تهدف تجميعا!! وتوحدات هشة وهجينة، يتوخى منها، ما اعتبر(أو يعتبر) قطبا يمينيا ليبيراليا!!….فيما يفترض المجتمع المدعو لانتقال ديمقراطي،أن يتعهد قسرا،تنوعه بما يستوجبه ذلك من إصلاحات سياسية ودستورية وغيرها…من دون تردد،ممهدا، لتنافر سلمي وحراك اجتماعي موفق وهادف.
ولا غرابة أيضا ،أن تكون واليسارية !! إلى الوحدة والقطبية على أحقية هذه الرغبة وتلك الدعوات ، قد نشأت ردا مجزأ وانشقاقيا(وهذا هو الحال) .غير أن هذا لا يعفيها بالمرة من مجانبة التبرير القاتل في كل مرة تنطرح فيها قضية الوحدة على بساط البحث والعمل …وإذا ما اعتبرنا هذا التحديد خارج عن ما يمكن أن نعتبره “وصايا متجاوزة” فهو،بالتأكيد (وهذا اعتقادنا) يندرج في سياق أو منظور يسعى إلى ربط الوحدة اليسارية الهلامية بالتاريخ؟(وهو مطلب دافع من أجله العديد من الإطارات إبان محنة السبعينات).من غير أن يتوسل القضية هاته، أداة غلبة سياسية ووقاية داخلية….هذا كله ضمن رؤية أو منظور يتوجب فيه أن يرى إلى السلطة بالمعنى الذي يتجاوز الحكم إلى المقومات الاجتماعية التي ينهض عليها ذات الحكم. وبعيدا عن كل نزعة ديمقراطوية! تتغدى من الاستهلاك اللفضي المرتفع والناري للديمقراطية، فإن أية ضرورة لقيام الوحدة اليسارية باللحظة الراهنة بالبلاد،يجب أن يفترضها (أي نعم) ويؤطرها البعد الاجتماعي/السياسي الذي يتطور المجتمع المغربي تبعا له، وهو بعد يتوجب فيه قسرا أن يطال التقنيات المخصصة له والإدارة العقلانية له (=القطب)، وهوية القوى السياسية المنخرطة به والأخرى المناوئة له. بل أكثر من ذلك، أن يطال الأشكال الحقوقية والتاريخية المعتملة بالواقع وليس تلك المفككة والخاوية وغير ذات جذور اجتماعية. وهو ما يسعفها حتما في تحديد نظام تغيير ذاتها حسب الاقتضاء التاريخي.
*كاتب وباحث
الكاتب : عبد الله راكز * - بتاريخ : 09/05/2020