تنمية العالم القروي أمانة ومسؤولية على عاتق كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين

ادريس العاشري

مسايرة للتطور والتحول الذي عرفه المجال القروي بالمغرب، من عمران ووسائل نقل، إلى توفير الماء والكهرباء في العالم القروي، أيمكن أن نتفق على أن مفهوم وعهد المغرب النافع والمغرب غير النافع أصبح في خبر كان؟ خصوصا وأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس.
للإجابة عن هذا التساؤل لابأس أن نستأنس بما صرح به رئيس الحكومة عزيز أخنوش في جلسة الأجوبة المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء 04 يناير 2022 حيث قال:
– إن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا أوليت العناية للعالم القروي، على غرار العالم الحضري، مشيرا إلى أن التنمية لا بد أن تشمل جميع المناطق لتجنُّب الاختلال المجالي للنمو وتفادي اللاعدالة المجالية.
في فترة الاستعمار استطاع المستعمر الفرنسي أن يحقق سياسته في تفرقة الشعب المغربي والميز بينه بترويج مفهوم المغرب النافع والمغرب غير النافع بالإضافة إلى ما سمي بالظهير البربري. ولكن الأوضاع وانخراط المغرب في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية يحتم علينا تجاوز ونسيان «المغرب النافع والمغرب غير النافع».
المغرب وطن واحد لاميز ولا فرق فيه بين العالم الحضري والعالم القروي، وتنمية العالم القروي “ليست هبة أو صدقة»، بل أمانة ومسؤولية جسيمة وضعها جلالة الملك محمد السادس نصره الله على عاتق كل الفاعلين السياسيين خصوصا الحكومة والبرلمان بغرفتيه.
بالموازاة مع التطور الإيجابي الذي حققه المغرب في مجال: البنية التحتية وسائل النقل، العمران وتوفير خدمات الماء والكهرباء، لا بأس أن نتساءل عن نتائج ومساهمة المخطط الأخضر في توفير الشغل وتوفير الحماية الاجتماعية للمواطن المغربي في العالم القروي.
حسب تصريح رئيس الحكومة فإن النتائج التي حققها مخطط المغرب الأخضر بعد مرور أزيد من عشر سنوات من إطلاقه، حقق الأهداف المنتظرة منه منذ انطلاقه سنة 2008، إذ جعل الناتج الإجمالي المحلي في القطاع الفلاحي يرتفع بمعدل 5.25 في المائة سنويا، مقابل 3 في المائة بالنسبة للقطاعات الأخرى، وساهم في ارتفاع الثروة المحدثة من 65 مليار درهم سنة 2008 إلى 125 مليار درهم عند متم عام 2018.
أرقام جد إيجابية بلغة الأرقام ولكن الواقع يعطينا صورة أخرى خصوصا مع تزايد الهجرة من العام القروي إلى العالم الحضري وتزايد المهن غير المهيكلة التي تستقطب شباب العالم القروي.
مع العلم، حسب تصريح رئيس الحكومة، أن القطاع الفلاحي ساهم بنسبة 17.3 في النمو الاقتصادي خلال الفترة ما بين 2008 و2018، عوض 7.3 في المائة خلال الفترة ما بين 1998 و2008، وأضاف أن القطاع الفلاحي يساهم بنسبة 13 في المائة في الناتج الداخلي الخام، و13 في المائة من القيمة الإجمالية للتصدير.
بالفعل لا يمكن أن نتكلم عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب إذا لم تشمل كل مناطق المملكة المغربية ويستفيد منها كل المغاربة خصوصا إذا تمعنا في الأرقام التي صرح بها رئيس الحكومة بخصوص مخطط المغرب الأخضر، الذي مكّن من رفع صادرات المنتجات الفلاحية إلى حوالي 40 مليار درهم سنة 2019، أي ما يعادل 2.8 أضعاف القيمة المسجلة سنة 2009، التي كانت في حدود 14 مليار درهم، علاوة على خلق 342 ألف منصب شغل إضافي، ورفع عدد أيام العمل في السنة من 110 إلى 140 يوما، بفضل التنوع في المحاصيل والإنتاج الفلاحي.
تنمية العالم القروي ورش كبير من الأوراش التي فتحها جلالة الملك وتحقيقها رهين بتحمل كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين مسؤوليتهم الوطنية.

الكاتب : ادريس العاشري - بتاريخ : 06/01/2022

التعليقات مغلقة.