حكومة الاحتلال تتخلى عن الضم بسبب مصالح ترامب الانتخابية

بقلم: سري القدوة

في تصريحات تسارعت وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية لتداولها ألمح خلالها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجع عن دعم مخطط الضم الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، وأن ذلك ليس في سلم أولوياته، على حد تعبيره، وخاصة في الوقت الراهن، وقال نتنياهو (إنه كان واضحا منذ البداية أننا لن نتمكن من فرض سيادتنا على مناطق في الضفة المحتلة دون موافقة أمريكية لو لم نكن بحاجة إلى الموافقة الأمريكية كنت أقدمت على هذه الخطوة منذ فترة طويلة ولكان رؤساء حكومة آخرون قد فعلوا ذلك).
وعلى حسب ما يبدو أن آمال نتيناهو بدأت تتحطم أمام المأزق الأمريكي حيث أن الرئيس ترامب مشغول حاليا بأشياء أخرى ولم تعد المسألة في سلم اهتماماته، فهو يواجهه وباء الكورونا بالإضافة إلى الغضب الشعبي الذي بات يهدد نجاحه في الانتخابات الأمريكية القادمة، ومن الواضح تماما بأن حكومة الاحتلال استغلت التحالف الأمريكي ودعم ترامب لسياستها في ترجيح هذا التحالف لصالح مخططات الاحتلال الاستعمارية وأن الخطوات التي اتخذتها حكومة الاحتلال كانت بدعم وبتشجيع وبرعاية مطلقة من حكومة ترامب وإدارته وأن سلطات الاحتلال استغلت هذا الدعم والاعتراف الأمريكي وقد نجحت بضم القدس ونقل السفارة إليها ومن ثم الاعتراف الأمريكي بسيادة الاحتلال على الجولان كما استغلت هذا التحالف لتعترف أمريكيا بسيادة الاحتلال على المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة في عمل مناهض للقانون الدولي.
إن مواصلة العدوان من قبل دولة الاحتلال وتنفيذ مشروعها القائم على التوسع والضم بشكل ممنهج وفعلي على الأرض، رغم الرفض الدولي الذي فشل في لجمها، وذلك من خلال ترسيخ سياسات الحصار والتطهير العرقي والتهجير القسري، وخصوصا في بلدات سلوان والعيسوية ووادي الجوز، عبر تكثيف عمليات هدم المنازل والمداهمات والاعتقالات وسرقة الأراضي وتنفيذ مشاريع استيطانية واسعة النطاق مبنية على تشريد الآلاف من الفلسطينيين، وأن الاستمرار في تمكين دولة الاحتلال ومنحها الحصانة والاستثنائية يؤدي إلى إطلاق يدها ومواصلة ظلمها وبطشها لشعبنا الفلسطيني الأعزل ومضيها قدما في عدوانها على المجتمع الدولي ومنظومته القانونية.
وبالتالي حرصت حكومة الاحتلال، من خلال خطتها الاستراتجية وعلاقتها الدبلوماسية مع بعض الدول المدعومة من أمريكا، والتي عملت خلال الثلاث سنوات الماضية مع فريق الرئيس ترامب وإدارته لوضع خطة السلام الأمريكية، والذين اعتقدوا أنها الخطة الوحيدة التي تضمن مصالح حكومة الاحتلال، حيث تم التخطيط المسبق لإعلان ما يسمى صفقة القرن، وإدخال المنطقة في دوامة العنف وتشجيع العدوان على الشعب الفلسطيني وإعادة إنتاج الاحتلال بصوره الجديدة ليتواكب مع ما يسمى مخططات الضم، التي يرفضها العالم ويتصدى لها الشعب الفلسطيني وقيادته وجميع الأحرار في العالم أجمع.
إن تلك الخطوات، التي اتخذتها بعض الدول الأوروبية، وهذا الإجماع العالمي المناهض للسياسة الإسرائيلية والرافض لمخططات الضم وصفقة القرن الأمريكية يشكل قاعدة عمل مهمة لتطوير الموقف الدولي في التصدي للاحتلال وإجباره على التراجع عن تلك المخططات التآمرية الاستيطانية الخطيرة، التي ستؤدي إلى فصل القدس عن محيطها الفلسطيني وفصل وسط الضفة وشمالها عن جنوبها وفرض مشروع القدس الكبرى وتقويض أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً وقابلة للحياة، فإن المجتمع الدولي مطالب بضرورة اتخاذ خطوات عملية بهذا الشأن مع ضمان تطبيقها على أرض الواقع وضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

الكاتب : بقلم: سري القدوة - بتاريخ : 17/08/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *