عندما كان المعيار…القضية الوطنية والإجتماعية

عبد الله راكز

1 – في ضرورة التمايز الإيديولوجي والطبقي:

في هذا الوقت بالذات الذي وصلت فيه تناقضات العالم العربي ذروتها، وإلى مدىً بدأت تتساقط فيه أقنعة التّزييف والخداع، يَفْضي الأمر(كضرورة) إلى تبلور معالم الوضوح والتمايز الأيديولوجي والطبقي في المنطقة العربية. لربما تشكّلت ثورة أو انتفاضة لبنان «لحظةً تاريخيةً» حاسمة ستشكل منعطفا جديدا( نأمل) يجب أن يتصاعد يوما إثر يوم ويُلقي بثقله على مسار الأحداث والتطورات بالمنطقة. ضدا على كل ما يُرتّب ويُخطط له في تغييب تام لإرادتها(=الانتفاضة).
لكن يجب في هذا كذلك، أن ننتبه إلى ما يُحاك ضد هذه الصحوة بتأجيج المناخ السياسي الديني والثقافي بلبنان والعراق وسوريا وغيرهم، من قبل قوى الرجعية الدينية(السعودية والإمارات بالتخصيص) التي افتُضح ادعاؤها الديني وتمسّكها الشكلي بالإسلام، وكذلك (وهذا هو الأهم ) من قبل بعض المثقفين الذين انبهروا بما حدث في إيران وراحوا يطالبون بإحداث قطيعة تامة مع الغرب والتخلص من مرض»فقدان الذاكرة التراثية « الذي أورثنا إياه على أن يكون هو المدخل الأصيل، الوحيد والأوحد لتأصيل فكرنا «الثوري «؟؟
غير أن الأمر هنا يُصبح مثيرا للشفقة لهذا التعميم عن الغرب ولوي جوهر «الثورة الإيرانية « لتُوظّف في النهاية لصالح التيارات الدينية المتخلفة، وبعض المثقفين المنبهرين بها، في حين أنها سلب لهم بالأساس.
2/ في «الوعي والوعي الزائف «:
حاول محمود أمين العالم في معرض ردّه على أدونيس وغيره من تلامذة هذا الأخير(انظر الوعي والوعي الزائف) أن يضع بدون مواربة، كل الحركات الدينية على أرضية الموقف السياسي مباشرة. فهو أدرك مبكرا، أن الاستناد إلى القضية الوطنية-الاجتماعية هو معيار أساسي لامحيد عنه في طرح أومطارحة الإشكالات السياسية الأساس.
والغاية في هذا هي: التّأكيد على الأفق الثقافي والإيديولوجي الذي يشكل، لامحالة، هوية وخلفية الموقف من القضية الوطنية والاجتماعية. وأن تغييب هذا الأفق( كما جرى في تجاربنا المريرة) يكون مسؤولا في كثير من الأحيان عن تمرير المؤامرات والهزائم في مجتمعاتها.
ومنها(حسب محمود أمين العالم)أن نجيب محفوظ(مثلا) سبق السادات في التخلي عن الأرض لإسرائيل. وأن مصطفى أمين سبق السادات في التمهيد لأمريكا، بينما روايات إحسان عبد القدوس وكتابات مصطفى محمود وحسن الإمام بأفلامه، كانت القوة «المادية « التي خرّبت الوعي الوطني والإنساني العربي قبل أن تُطلق السياسة طلقتها الأخيرة.

الكاتب : عبد الله راكز - بتاريخ : 08/09/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *