قطاع غزة يشهد أبشع الجرائم في التاريخ

بقلم: سري القدوة(*)

 

إن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لأكثر من 18 شهرا، وما يرافقه من تهجير جماعي وجرائم ضد الإنسانية، يُعد انتهاكاً صارخاً للقانونين الدولي والإنساني، ويستدعي تحركاً دولياً عاجلاً. فما يجري اليوم هو أبشع جريمة عرفها التاريخ والعصر الحديث، وإن الصمت الدولي على خرق حكومة الاحتلال لكل المواثيق الدولية والمحرمات في الحرب بات بمثابة شراكة صريحة في الجريمة.
تسعى حكومة الاحتلال المتطرفة إلى مسح قطاع غزة عن الوجود، وتقسيمه، وتغيير معالمه المعروفة. فقد أقدم جيش الاحتلال على تدمير مدينة رفح بشكل كامل، بعد أن كان قد فعل الشيء ذاته في شمال القطاع، في محاولة لدفع الفلسطينيين نحو التهجير والنزوح القسري عن أرضهم. ويكمن خطر هذا المخطط في سعيه إلى تفريغ القطاع من سكانه، وتنفيذ عملية تطهير عرقي ممنهجة.
لقد خرقت حكومة الاحتلال كافة المواثيق الدولية، وارتكبت جرائم بشعة شملت القتل الجماعي، واغتيال الأطفال والنساء، وتهجير مئات الآلاف من المواطنين، إضافة إلى تقارير عن حالات اغتصاب ارتُكبت ضد نساء ورجال. ومع استمرار الصمت الدولي على هذه الجرائم، تواصل حكومة الاحتلال سياستها القائمة على تغيير معالم غزة، مستخدمة معبر “إيرز” لتقييد المساعدات، وإبقاء معبر رفح مغلقا، بهدف فرض هيمنتها على المساعدات حتى بعد انتهاء الحرب، في تحد صارخ للمطالبات الدولية بإنهاء العدوان وضمان تدفق الإغاثة الإنسانية.
تُمارَس على قطاع غزة سياسة الأرض المحروقة، في تجاهل تام لكل القوانين الدولية والشرائع الإنسانية. وقد تحول الحصار المفروض على غزة إلى أداة قتل بطيء، عبر تجويع المواطنين، ومنعهم من الحصول على الغذاء والدواء والمياه النظيفة، في محاولة لكسر إرادة الصمود لدى أهلنا.
الهدف من هذه الجرائم هو فرض خيارين قاتلين على سكان القطاع: إما الموت جوعا وبالقصف، أو التهجير القسري. وهذا يمثل جريمة وكارثة ضد الإنسانية، وخرقا صارخا لكل المواثيق الدولية التي تضمن حق الإنسان في الحياة الكريمة. ويزيد من فداحة هذه الجرائم تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، التي وصف فيها عدوانه على غزة بالقاذورات التي يجب تنظيفها “قبل العيد وبعده”، وهي تصريحات عنصرية تكشف عن عقلية استعمارية استعلائية، فاشية، لا تهدف فقط إلى إهانة الفلسطينيين، بل إلى تجريدهم من إنسانيتهم.
تتحمل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، ويتوجب على المجتمع الدولي، وعلى رأسه الدول العربية والإسلامية، اتخاذ مواقف جادة لا تقتصر على الإدانة، بل تشمل إجراءات عملية ووسائل ضغط فعالة لوقف العدوان فورا.
إن من واجب كل أحرار العالم عدم السماح لهذه الجريمة بالاستمرار، وعدم الوقوف متفرجين أمام مأساة إنسانية بهذا الحجم. كما لا بد من وضع خطة واضحة لإعادة إعمار قطاع غزة، تحت مظلة الشرعية الفلسطينية.
إن التدخل العاجل من قبل دول وشعوب العالم، والمؤسسات الدولية، والقوى النافذة في مجلس الأمن، أصبح ضرورة قصوى لوقف المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وخاصة ضد النساء، الأطفال، والمدنيين، الذين يدفعون الثمن الأكبر في هذه الجريمة المستمرة.

(*)سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

الكاتب : بقلم: سري القدوة(*) - بتاريخ : 19/04/2025