لنعيد قراءة تاريخ المغرب العربي لمعرفة الحقيقة

حيمري البشير

إذا رجعنا سنوات للوراء لمعرفة ماجرى في المغرب العربي، فسنجد أنه كان ضحية صراع بين أنظمة كبرى .هذا الصراع كان قائما بين ثلاث دول أوروبية ،اقتسمت الكعكة في المغرب العربي،وهي فرنسا وإسبانيا وإيطاليا.هذه الدول استنزفت خيرات المغرب العربي لم تكن ليبيا أرضا مستباحة لإيطاليا وإنما واجهت مقاومة شرسة قادها عمر المختار.الوجود الفرنسي كان قويا وثابتا في تونس والجزائر إلا أنها وجدت منافسة على المغرب مع إسبانيا وقد كانت مرغمة لكي تتنازل لها عن شمال المغرب والجنوب المغربي فضمت طرفاية وسيدي إيفني والأقاليم الجنوبية،أومايسمى بالصحراء المغربية.وإذا رجعنا قليلا إلى الوراء فالمغرب في عهد الدولة المرابطية كان يمتد إلى نهر السنغال .ليس هذا موضوعنا .ولكن مايعيشه المغرب العربي من صراعات هو من مخلفات الاستعمار الفرنسي  والإسباني  رغم أن حركات التحرر في المغرب العربي  اتسمت بالتعاون والتحالف فساهمت قيادات تاريخية في الدول الثلاث المغرب والجزائر وتونس في التعبئة والتنسيق بين قياداتها لطرد الاستعمار من أراضيها وكانت ضريبة الاستقلال غالية في الجزائر، بحيث سقط مليون ونصف شهيد،وامتزجت دماء المغاربة في استقلال الجزائر بعدما فتح المغرب الذي حصل على استقلاله جبال المغرب الشرقي لحركة التحرير الجزائرية لمقاومة الاستعمار الفرنسي وتحرير الجزائر.فرنسا وإسبانيا خرجتا من المغرب العربي ، لكنهما خلفتا مشاكل مازالت قائمة لحد الساعة.ولعل من بين القضايا الشائكة التي خلفها الاستعمار الفرنسي ضمه للصحراء الشرقية للجزائر حتى يبقى هذا المشكل قائما يعيق وحدة المغرب العربي.بالإضافة لاستمرار احتلال إسبانيا للجنوب المغربي ومدينتي سبتة ومليلية.المغرب لجأ إلى محكمة العدل الدولية ليثبت أحقيته في الأقاليم الجنوبية والتي كانت عبر التاريخ امتدادا لدولة المرابطين والموحدين .وقد أثبت لقضاة المحكمة الدولية بلهاي الهولندية ،وثائق تؤكد ولاء  وبيعة سكان الصحراء  للملوك الذين حكموا المغرب.كان ذلك كافيا ليعلن الراحل الحسن الثاني تنظيم المسيرة الخضراء والتي شارك فيها 350 ألف متطوع ومتطوعة .وكانت ملحمة حقيقية ستبقى في ذاكرة الأجيال استطاع بفضلها استرجاع هذه الأقاليم  من  دون حرب ولا إراقة الدماء.الجزائر التي كانت تتطلع لمنفذ على المحيط الأطلسي لتصدير الغاز الجزائري، انزعجت مما حصل وكان لها موقف آخر ،من تحرير المغرب لصحرائه ،وهي التي مع كامل الأسف خلقت جبهة البوليساريو ،ودفعتها  للكفاح المسلح لزعزعة استقرار المغرب ، والمطالبة بالاستقلال
فجمعت ثلة من المنشقين الذين كانوا يدرسون في غالبيتهم في جامعة محمد الخامس بالرباط والذين كانوا ينتمون لحركة إلى الأمام اليسارية  ليقودوا  حركة الانفصال مع العلم وللتاريخ  أعلن العديد منهم توبته وغيروا مواقفهم ورجعوا لبلادهم تلبية لنداء المغفور له الحسن الثاني: «إن الوطن غفور رحيم».
إذن فشل وحدة المغرب العربي لحد الساعة هو نتاج ومخلفات زوابع تركها الاستعمار الفرنسي والإسباني والتي مازالت قائمة لحد الساعة.وينضاف لذلك  انزعاج حكام الجزائر من الطفرة الاقتصادية التي تحققت في السنوات الأخيرة في المغرب منذ سنة 1999والإنجازات الكبيرة التي غيرت وجه المغرب.انطلاقا من التحول الديمقراطي  المؤسساتي ونجاح العودة إلى العمق الإفريقي،كل ذلك أصبح يؤرق الطغمة العسكرية التي تخشى بطبيعة الحال مايعيشه المغرب من تحول في جميع الميادين
لم ينته الكلام……….._

*صحفي وإعلامي رئيس تحرير إذاعة السلام

الكاتب : حيمري البشير - بتاريخ : 25/06/2020