من أروقة الحزب الجمهوري

د.حازم قشوع

هل يعود ترامب إلى قيادة أمريكا من جديد؟

يعيش الحزب الجمهوري الأمريكي في مرحلة مخاض حزبي عميق بين تيارات متباينة في نهجها وإن كانت تتفق حول استراتيجية عملها، الأمر الذي جعل من مرشحي الحزب المحتملين لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة يدخلون في معركة منافسة محتدمة هذه المرة، وذلك لتثبيت وشرعنة وجودهم على المسرح العام قبل الانتخابات النصفية التي ستجرى فى الولايات المتحدة قبل نهايه العام الحالي وإن كانت تبتعد عن الانتخابات الرئاسية أكثر من عامين،  ومرده لعدم وجود توافق  في الحزب الديموقراطي على بطاقة  الترشح الرئاسي  في ظل تحدي السن الذى يواجه الرئيس جو بايدن بترشيحه، والذي سيكون قد تجاوز الثمانين عاما في الانتخابات القادمة  .

الحزب الجمهوري منقسم بعمقه بين فجاجة الطرح الديماغوجي الذي يعزف على إيقاعه دونالد ترامب، وإيديولوجية نائبه السابق مايك بنس المرشح  الأقرب لنيل بطاقه الترشح وبرغماتية مايك بامبيو حاكم ولاية فلوريدا  السابق الذي يعتبر المنافس الأقوى في حال انضمام السفيرة نيكي هيلي لفريقه، وهو من يمتلك ورقة الخلاص في معركة الكابتول التى قد تطيح بالمستقبل السياسي لدونالد ترامب فى حال إدانته من قبل المحكمه الاتحادية .

وإن كانت  هذه الترشيحات تبقى فى إطار التيار الواحد داخل الحزب، فإنه في  الاتجاه  المتتم المقابل لهذا التوجه، يقوم جون بولتون المستشار السابق في البيت الابيض وصاحب النظريات الاستراتيجية بحملة داعمة للنائب ليز شيني وهو من  يمتلك تيارا فكريا رديكاليا داعما، وقد يشكل  مفاجأة  في حالة ترجيح كفته إذا ما تم دعمه من تيار حزب الشاي  الأصولي .

وفي وسط هذه التجاذبات السياسية والأجواء الحزبية المشدودة، وقف الجميع لحظة صمت عميقة عند تصريحات “ميت رومني” التي فسرت بدعمها للرئيس دونالد ترامب عندما قال إن ترامب سيحظى بالبطاقه الرئاسية في حال ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمه. وأضاف “رومني” كونه يمتلك شعبية استثنائية تؤهله للفوز بالمقعد الرئاسي في البيت الأبيض، والمعروف عن مت رومني قربه من عمق بيت القرار، وهو الذي كان قد وقف على الحياد السلبي في الانتخابات الرئاسية الماضية، كما وقف ضد توجهات دونالد ترامب عندما أقدم مناصروه على مهاجمه الكابتول، الأمر الذي جعل من موقفه وتصريحاته محط اهتمام وعناية من قبل المحللين الذين مازالوا ينتظرون موقف جورج بوش الابن الذي يمتلك كرسي النطق بالقرار، وهو مازال ينتظر قرار الأعراف الأمريكية التى تجيز الترشح لدونالد ترامب من عدمه .
صحيح أن القانون الأمريكي لا يمانع في ترشح دونالد ترامب، لكن العرف قد يحول دون ذلك. فلم تسجل الأعراف السياسية أن الرئيس الذي تلفظه الانتخابات، يمكن العوده لقبوله. والأعراف في العمل السياسي غالبا ما تعتبر صاحبة الحظوة الأقوى من القانون، لاسيما وأن الحديث الذي يدور في أروقة بيت القرار يقف على مفردة تعتبر قاعدة موجبة مفادها يقول إن ما تم لفظه، من الصعوبة إعادته إلا إذا كانت هنالك مبررات تشفع بإعادة النظر بالموضوع قيد البحث، وهو ما يأمله دونالد ترامب ليكون من أصحاب الرأي المؤثرين مثل بوش ورومني بما يمكنه من العودة مره أخرى للبيت الأبيض. فإن حدث هذا وهو أمر ممكن إلى حد ما، فإن هذه المسألة ستكون سابقة في منظومة الضوابط والموازين بأعراف الترشح للانتخابات الرئاسية.
إذن، العالم على موعد مع انتخابات نصفية في الولايات المتحدة قد تحمل متغيرات لصالح الحزب الجمهوري، أو أنها ستؤكد على سيادة الحزب الديموقراطي. وإن كانت هذه الانتخابات ليست رئاسية، فإنها – حتما- ستحمل عناوين الترشح للانتخابات الرئاسية لانتخابات 2024 . فهل سيعاد ترشيح دونالد ترامب من جديد، أم أن المحكمة الاتحادية سيكون لها رأي آخر بهذا الخصوص ؟! وهل سيعاد تكوين نظام ضوابط وموازين في أعراف الترشح لللرئاسيات الأمريكية، أم أن الأعراف سترفض الاستجابة لذلك وتعيد خلط الأوراق من جديد !!!!
هذا ما ستجيب عنه أمريكا قبل نهاية هذا العام، وهو العام الذي سيحمل بالتأكيد مفاجآت كثيرة يتوقع أن يقوم عبرها الرئيس جو بايدن بتجفيف الروافد الداعمة لتوجهات دونالد ترامب، وتقليم عناوين وصوله لسدة الرئاسة، وهو يمتلك قوة تؤهله لذلك وهذا ما ظهر في أوكرانيا وقد يشمل هذا التوجه آخرين في إسرائيل كما في الشرق الأوسط، وهو ما تقول به بعض القراءات من أروقة الحزب الجمهوري.

الكاتب : د.حازم قشوع - بتاريخ : 09/05/2022

التعليقات مغلقة.