نظرية المؤامرة تحل بالانتخابات الرئاسية الفرنسية
باريس يوسف لهلالي
بعد المتابعات القضائية التي تعرض فرنسوا فيون وزوجته بسبب الوظائف الوهمية، اصبح المرشح رفقة أنصاره يتحدثون عن مؤامرة تستهدفه شخصيا و عائلته السياسية،واتهم حكومة بلاده بأنها تراقب هواتفه،بل دهب الى ابعد من ذلك عندما تحدث عن وجود «ديوان أسود» يقوم بهذا النوع من العلميات ضده وضد عائلته السياسية. نظرية المؤامرة يبدو انها هي الوسيلة الفعالة التي بإمكانها ان تعيد له بعض الامل والشرعية من اجل متابعة السباق في هذه الحملة الانتخابية، والاستمرار في احتلال المرتبة التالثة في استطلاعات الرأي على بعد اقل منى 20 يوما عن الدور الأول للانتخابات الرئاسية بعد ان كانت اغلب الاستطلاعات قبل تلاثة اشهر تعطيه فائزا بدون منازع، لكن فضائح الوظائف الوهمية مرت من هنا.ونشر نظرية المؤامرة بين أنصاره هي نوع من نفي المتابعات والافعال التي توبع من اجلها.
ونظرية المؤامرة هي احسن الوسائل من اجل تكوين جبهة قوية مبينة على التضامن بين الاسرة الواحدة او العائلة السياسية الواحدة من اجل مواجهة عدو خفي وهمي، وهي الوسيلة التي اعتمدها الرئيس الحالي للولايات المتحدة الامريكية دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية والتي أعطت اكلها، وهو نفس الوتر الذي يلعب عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يتحدث هوو أنصاره على وجود مؤامرة خارجية ضد روسيا من طرف الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي . وهي نفس التقنية التي يلعب ويراهن عليها اليمين المتطرف الفرنسي بزعامة مارين لوبين بوجود مؤامرة ضدها وضد حزبها من طرف النظام السياسي والإعلامي القائم، وهي تقنية تخلت عنها بعض الشيء حاليا، بسبب نتائجها الإيجابية وتحسن أدائها في الاستطلاعات التي لا تستبعد فوزها او حلولها في المرتبة الثانية. هذا التقدم في الاستطلاعات يفتح لها الأبواب واسعة للحضور في وسائل الإعلام لهذا الحديث اليوم عن المؤامرة هو صعب الهضم لدى الرأي العام بفعل هذا الحضور المهم.
الانتخابات الرئاسية في فرنسا هذه السنة لا تشبه سابقاتها من حيث عدد المفاجآت التي افرزتها سواء من خلال اقصاء أسماء كبرى مثل الرئيسين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولند او من خلال اقصاء رؤساء ووزرا سابقين سواء الان جيبي او ايمانيل فالس بالإضافة الى أسماء أخرى كانت معروفة على الساحة السياسية، ومن المفاجأة انها ابرزت أسماء غير معروفة ولم يسبق لها التقدم الى اية انتخابات حتى المحلية مثل ايمانييل ماكورن الذي يتقدم الاستطلاعات التي تعتبره اكبر حظا من منافسيه خاصة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبين. وايمانييل ماكورن الذي أسس حركة « الى الامام». اعتقد الجميع في البداية انه يعمل لصالح الرئيس الحالي فرنسوا هولند لكن تمكن فيما بعد من اكتساح وضعية سياسية خاصة وقدرة علة الفوز بالانتخابات المقبلة وتمكن من تجميع شخصيات من اليمين واليسار حول شخصه تسهل عليه الوصول الى قصر الاليزيه. المفاجأة الثانية هي الاندحار الكبير لمرشح الحزب الاشتراكي والذي يجد نفسه في وضعية صعبة محتلا المرتبة الخامسة وهي وضعية لم يعشها أي مرشح لهذا الحزب مند تأسيس الجمهورية الخامسة وهي تعكس وضعية الانفجار التي يعرفها الحزب الاشتراكي بين جناحين الجناح الإصلاحي الذي التحق اغلب اتباعه بامانييل ماكرون بمن فيهم رئيس الحكومة السابق ايمانييل فالس وجزء من انصار الرئيس الحالي فرنسوا هولند الجناح الراديكالي الذي يتهم الليبراليين بالخيانة بعد اجراء الانتخابات التمهيدية وفوزه بها. ورغم عملية الترميم التي قام بها بونوا هامون مرشح الحزب الاشتراكي من خلال تبني أفكار ايكولوحية وتشاركية، فانه لم يتمكن من اقناع الجناح الديموقراطي والاجتماعي للحزب للالتحاق بحملته الانتخابية التي تعاني من هذا الشرخ الكبير داخل الحزب الاشتراكي وهو شرخ ليس جديد بل عاشه كل زعماء الحزب من فرنسوا ميتران الى ليونيل جوسبان وفرنسوا هولند الذي عملوا ا دائما التوفيق بين هذين التيارين المتصارعين واللذان كانت البرغمالتية الانتخابية تدفعهم الى إيجاد توافق لينفجر هذا الشرخ اليوم في نهاية ولاية فرنسوا هولند وعجز بنوا هامون على ايجاد توافق مما يعجل بانفجار الحزب الاشتراكي والتحاق جزء كبير من اعضائه بحركة ايمانييل ماكرون.
جون ليك ميلونشون احد الوجود القديمة للحزب الاشتراكي والذي كان وزيرا بحكومة ليونيل جوسبان يستفيد اليوم من هذا الوضع وتستفيد حركتة «فرنسا المتمردة» التي تتلقى دعم الحزب الشيوعي الفرنسي من هذه الوضعية،وخروجه من الحزب الاشتراكي هو بسبب هذا الصراع بين الجناح الراديكالي والجناح الديموقراطي الاجتماعي واليوم يتجاوز في الاستطلاعات مرشح الحزب الاشتراكي بونوا هامون، ويطمح تجاوز الرتبة الرابعة التي يحصل عليها حاليا في الاستطلاعات من اجل الظفر بالرتبة الثالثة التي يتربع عليها فرنسوا فيون.
هذه النتائج وهذه التغيرات تجعل من معرفة من يفوز بالانتخابات الرئاسية بفرنسا امرا صعب التكهن، بل التغير الذي تعرفه استطلاعات الرأي هي الأخرى يمكن ان تؤدي الى مفاجآت لم تكن منتظرة. وهذه التغييرات وهذه المفاجآت وهذا التغير في مواقف الرأي العام حيث ان 35 في المائة لم يقرروا بعد، هي كلها معطيات تزيد من الضبابية ومن تشجيع نظرية المؤامرة التي تدافع عنها زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبين والتي التحف بها زعيم اليمين والوسط فرنسوا فيون ، خاصة ان هذه النظرية أي نظرية المؤامرة التي يروجها الاعلام الروسي وتجد صدى في وسائل الاعلام ووسائل الاتصال المختلفة وتجعل الرأي العام يؤخذ منحى جنوني وغير معقول بل ضد مصلحته ومصالح بلده كما حدث في الولايات المتحدة من خلال انتخاب دونالد ترامب ومن خلال تحقق البريكزيت في بريطانيا والانتخابات للفرنسية ستكون هي الأخرى مقياسا لمدى تغلغل فكر المؤامرة وسط الرأي العام الفرنسي.
الكاتب : باريس يوسف لهلالي - بتاريخ : 07/04/2017