أطفال الصراعات المسلحة بحاجة إلى حماية أنجع

في العالم هناك قضية تقتضي المزيد من الاهتمام، وتتطلب مضاعفة الجهود لإيجاد الآليات الناجعة للحد من تداعياتها، والحلول قصد وقف نزيفها . إنها «الأطفال ضحايا الحروب والعنف». وهي القضية التي كانت موضوع اجتماع مجلس الأمن الدولي بداية هذا الأسبوع، حيث تمت مناقشة تقرير في غاية الأهمية أعده الأمين العام للأمم المتحدة أطونيو غويتريس.
في العالم، هناك مناطق نزاعات وتوترات ومواجهات مسلحة، خاصة في قارات افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، أول ضحاياها الفئات الهشة وبخاصة الأطفال .وقد قدم غويتريس معطيات وشهادات ووقائع تبرز معاناة هذه الفئة بسبب الصراعات المسلحة، ووصف تلك المعاناة بأنها «أمر مخز على المستوى العالمي».
«الفترة التي يغطيها تقريري تكشف مستويات مقلقة من الانتهاكات. نرى جماعات مسلحة تجبر فتيات وأولادا على القيام بتفجيرات انتحارية. نرى أطفالا يوصمون لأن الجماعات المسلحة جندتهم واستخدمتهم. نرى أطفالا يتحملون المسؤولية الجنائية عن أعمال أجبروا على ارتكابها. نرى أطرافا للصراع تعرقل غالبا المساعدات المنقذة للحياة للأطفال…» هكذا خاطب الأمين العام أعضاء مجلس الأمن ومن خلالهم المجتمع الدولي .
اليوم، هناك اتساع في عدد الأطراف التي ترتكب انتهاكات ضد الأطفال .فبالإضافة إلى الحكومات التي تستهدف شعوبها أو جزءا من شعوبها، هناك 64 طرفا للصراع تم تسجيلها سنة 2016 ، وكانت القائمة تضم 59 طرفا في التقرير الذي يغطي عام 2015.
هذه الصراعات، أدت إلى مقتل 8000 طفل بمناطق النزاعات المسلحة حول العالم، وتوثيق أكثر من 14 ألفا و500 انتهاك طالت الأطفال حسب وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأطفال في الصراعات المسلحة، وأن أطراف الاقتتال بالإضافة إلى أنها تجند الأطفال، فإنها تستهدف المنشآت التي تأويهم من مدارس ومستشفيات بل وأحيانا تستعملهم كدروع بشرية.
ولهذه الصراعات والانتهاكات تكلفة بشرية هائلة للحرب، من أبرز أوجهها نزوح أكثر من 65 مليون نصف شخص، وهذا يعني أن شخصا من بين 113 شخصا حول العالم هو اليوم إما نازح أو لاجئ .ومن بين الأرقام المثيرة التي تضمنها تقرير غويتيرس أنه تم تلقي 75 ألف طلب لجوء من أطفال يسافرون بمفردهم أو أطفال مفصولين عن ذويهم، وأن هذا الرقم، قد لا يعكس العدد الحقيقي على أرض الواقع.
لقد وضع الأمين العام العالم حكومات ومنظمات أمام مسؤولياته . لذلك، فإن حماية الأطفال في زمن الصراعات المسلحة (التي هي بدورها يجب وضع حد لها) أصبح أحد أولويات المجتمع الدولي .ونتمنى أن يكون للتقرير صدى من أجل إقرار آليات ناجعة من جهة، لحماية هذه الفئة، ومن جهة ثانية، لملاحقة مرتكبي الانتهاكات وعدم إفلاتهم من العقاب .