أهمية لقاء وخطورة ممارسة

الاتحاد الاشتراكي

من أبرز انشغالات الجسم الحقوقي بالمغرب بمختلف مكوناته موضوع التعذيب . فما أن يطرح هذا الملف حتى تستعيد الذاكرة زمنا مغربيا كانت فيه هذه الممارسة ممنهجة وتحت وطأتها قضى العشرات من المعتقلين وأصيب المئات بأعطاب جسدية ونفسية بعد أن تفنن جلادون وبضوء أخضر من السلطات في رسم لوحات بأقسى الوسائل والأدوات على أجساد سجناء أكانوا سياسيين أو نقابيين أو من حقل الحق العام..
لقد حقق النضال الحقوقي ببلادنا مكاسب من أجل وضع حد لهذه الممارسة، وأن لا تصبح ممنهجة، وأن تتضمن التشريعات تجريما لها، وأن يتم ملاحقة مقترفيها في إطار عدم الافلات من العقاب. وبالفعل صادق المغرب- كما هو معلوم- على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب سنة 1996 وعقدا بعد ذلك ضمن في قانونه الجنائي مواد تعرف التعذيب بأنه «كل إذاء يسبب ألما أو عذابا جسديا أو نفسيا يرتكبه عمدا موظف عمومي أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه، في حق شخص لتخويفه أو إرغامه أو إرغام شخص آخر على الإدلاء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف بهدف معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث،…». (قانون وضع مشروعه وزير العدل الاتحادي المرحوم محمد بوزوبع). وشكل الدستور الحالي أحد أبرز المكاسب بعد أن ورد في فصله 22 بأنه لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة.ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية. وأن ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون.
وفي خطوة جريئة، أودعت المملكة آليات المصادقة على البروتوكول الاختياري أثناء المنتدى العالمي لحقوق الانسان الذي احتضنته مراكش في نونبر 2014وتنصالمادة 17 من هذا البروتوكول كما هو معلوم على إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب تتمتع باستقلال وظيفي وباستقلالية العاملين بها، ويتوفر خبراؤها على القدرات والدراية المهنية والموارد اللازمة للاضطلاع بمهامهم…
ولتعميق الوعي بهذه الآلية، تحتضن الرباط منذ أمس، وبمبادرة من المجلس الوطني لحقوق الانسان، وجمعية الوقاية من التعذيب (التي يوجد مقرها بجنيف) لقاء إقليميا للآليات الوطنية للوقاية من التعذيب بشمال افريقيا بهدف تعزيز فهم أدوار الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب واختصاصاتها وتنظيمها وعملها والأدوار الوقائية وخصائصها، آليات معالجة الشكايات وتقنيات إعداد تقارير الزيارات، وكذا منهجيات إجراء الزيارات الوقائية وتقنيات إجراء المقابلات مع الأطر الإدارية لمراكز الحرمان من الحرية والأشخاص المحتجزين. ومعلوم أن مشروع القانون المتعلق بالمجلس والذي يوجد قيد المناقشة بالبرلمان أسند له الاضطلاع بمهام هذه الآلية.
إنها إذن مناسبة لتقييم ماأنجزه المغرب ومدى القطع النهائي مع ظاهرة التعذيب، وماهي الأدوات القانونية الضرورية لتفادي أي ردة تستعيد معها نشاطها كممارسة ممنهجة؟؟ خاصة وأنه تمت الإشارة في الآونة الأخيرة على تعرض معتقلين للتعذيب سواء قبل التحقيق معهم أو اثناء تواجدهم بالسجن. وهنا لابد من الإشادة بالإجراءات التي يتم اتخاذها والمتمثلة في ملاحقات مسؤولين، وفتح تحقيق عن حالات صرح أصحابها بأنهم تعرضوا للتعذيب.
نتمنى أن يكون لقاء الرباط مناسبة لتعزيز النضال من أجل مغرب خال من هذه الظاهرة المرعبة، وأن يتم احترام الكرامة الإنسانية بالشكل الذي يليق بدولة الحق والقانون.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 27/09/2017