الاتحاد الأوربي وفلسطين: الاعتراف خطوة استراتيجية

هناك خطوة ضرورية وحاسمة، تتطلبها القضية الفلسطينية، ومن خلالها مسار السلام بمنطقة الشرق الأوسط : إنها اعتراف الاتحاد الأوروبي بفلسطين.
أهمية الخطوة، خاصة في الظرف الراهن وآفاقه، بسبب موقف الولايات المتحدة الأمريكية المتحيز الواضح والفاضح لإسرائيل، واعترافها بالقدس عاصمة لها، والشروع في مباشرة إجراءات نقل سفارتها إلى المدينة العربية المقدسة.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يتعين على الاتحاد الأوروبي، أن يخرج من تردده، فيزيح عن دبلوماسيته ستار اللبس الذي يغطي خطابه، وأن يتخذ خطوة تاريخية جريئة ألا وهي الاعتراف بدولة فلسطين، اعتراف الاتحاد كمنظمة قارية والدول كأعضاء به.
ومن غير شك، فإن من أبرز نتائج هذا الاعتراف إضافة إلى أنه يناصر حق شعب اغتصبت أرضه، وشرد منها، وتعمقت معاناته بسبب الاحتلال والاستيطان .. أنه سيمنح للسلام كأفق ، فرصة كبرى كي ياخذ المسار الصحيح، ويبلغ هدفه المنشود، كما أن هذه الخطوة من شأنها أن تؤهل الاتحاد للعب دور الراعي للعملية السياسية بين الفلسطينيين وإسرائيل، بعد فشل الولايات المتحدة الأمريكية في القيام بدور الوسيط.
لم تعد واشنطن من خلال مواقفها المنحازة لإسرائيل، ودعمها بسخاء، دبلوماسيا وماديا وعسكريا لهذا الكيان، راعيا محايدا للمفاوضات بين فرقاء الصراع بالشرق الأوسط . وقد أكدت الخطوة الأخيرة لرئيسها دونالد ترومب هذه الحقيقة، بعد قراراته ومواقفه وتصريحاته الأخيرة .
وعليه، فإنه يتوجب على الاتحاد الأوروبي حتى لا تتداعى عملية ما يسمى بـ «السلام بشكل نهائي»، أن يبادر إلى الاعتراف بفلسطين . وهي الدعوة التي حملها الرئيس محمود عباس هذا الأسبوع إلى بروكسيل، وأبرز ضرورتها الراهنة، وبيّن أهميتها أثناء مقابلاته وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وفيدريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد، على هامش مجلس الشؤون الخارجية الشهري للكتلة بالاتحاد الأوروبي.وما تأكيده على أن الاتحاد هو «الشريك والصديق الحقيقي» إلا أن ثقة فلسطين بالراعي الأمريكي لم تعد كما كانت من قبل.
وما زال الاتحاد الأوروبي يساهم في بناء دولة فلسطين ومؤسساتها من خلال الدعم المالي والاقتصاد، ويعد أحد أكبر مانحي المساعدات الخارجية للفلسطينيين. ولذلك فهو اليوم، مدعو لاتخاذ خطوة الاعتراف، ليعزز كذلك مسار علاقاته بفلسطين التي دشنها سنة 1975 في إطار الحوار العربي الأوروبي. ولقد أبرز العديد من قادته أهمية هذا الاعتراف بل إن ثمة دولا أقدمت على هذه الخطوة (تسعُ من ثمان وعشرين دولة).
سبعة عقود مرت على اغتصاب فلسطين وإنشاء دولة اسرائيل التي لم تأل جهدا في إجهاض سائر محاولات السلام. ولكن الأمل معقود اليوم، على أن يتحمل الاتحاد الأوربي مسؤولياته التاريخية والأخلاقية في أن يضع حدا لمأساة الشعب الفلسطيني، إذ «ما يشجع الشعب الفلسطيني على المحافظة على الأمل – كما قال أبو مازن أول أمس للأوروبيين- هو أن هناك سلاما قادما، وأن الطريق ستكون مفتوحة لهذا السلام، ما يشجع الناس على التمسك بثقافة السلام».