الاستغلال الجنسي للأطفال ظاهرة تتطلب الحزم والتشدد في محاربتها

الاتحاد الاشتراكي
يوما بعد يوم، يتسع نطاق ظاهرة بشعة تشهدها مدن مغربية عديدة، خاصة تلك السياحية منها، ألا وهي ظاهرة «الاستغلال الجنسي للأطفال من قبل البيدوفيليين».
أمام أكثر من محكمة تعرض اليوم، ملفات تتعلق بأشخاص، أقدموا على اقتراف جريمة نهش لحم براعمَ بعد أن أغروهم وغرروا بهم واستدرجوهم، أو بعصابات تتاجر بالبشر سهلت الوصول إليهم لانتهاك البراءة.
بمراكش والقنيطرة(البيدوفيل الإسباني دانيال گالڤان الذي استغل جنسيا العشرات، وحكم عليه بالسجن ثلاثين سنة، واستفاد عن طريق الخطإ من عفو ملكي تم استدراكه) وأكادير وتطوان وطنجة .وهانحن اليوم أمام قضية أخرى بفاس،حيث يحاكم بيدوفيل فرنسي بعد أن تم اعتقاله في حالة تلبس، وأجري معه تحقيق أسفر عن أن جريمته طالت أطفالا وطفلات أصحاء ومعاقين على السواء.
على أن ظاهرة «الاعتداء جنسيا على الأطفال»،ليست حكرا على الأجانب فقط ، ولكن أيضا مستشرية بالمجتمع ولها ضحايا بالمئات إن لم نقل بالآلاف، أحيانا يتم اكتشاف أمرهم، وأحايين كثيرة، يعانون في صمت لظروف عدة .لكن سواء افتضح الاستغلال أو توارى وراء ستار، فإنه يترك آثارا عميقة،وندوبا نفسية فظيعة لدى هؤلاء الضحايا.
هناك اليوم بنية جمعوية تشتغل لمحاربة هذه الظاهرة . وتبين التقارير والدراسات والأبحاث التي تنشرها، خطورتها واستفحالها، كما تعمل العديد من هذه الجمعيات على التحسيس ببشاعتها. ونشير هنا إلى أن هذه الظاهرة تنتشر –أساسا- في المناطق الهشة ولدى المجالات البشرية الفقيرة، حيث يعم الجهل والحاجة والهدر المدرسي المبكر إلى غير ذلك من العوامل التي تسهل عمل المتاجرين بالأطفال والممارسين للاستغلال الجنسي عليهم.
إن على السلطات بمختلف مستوياتها، أن تتعامل بحزم وتشدد، للحد من ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال، وتفكيك الشبكات التي تتخذها نشاطا لها .فلا يمر يوم من غير أن نسمع عن حالة هنا أو هناك عن أن «سائحا» استدرج أطفالا أو شخصا استغل مهنته كي يشبع نزواته المرضية أو أن هناك استغلالا للأطفال في المواد الإباحية صورا وأشرطة.
اليوم، يوجد ما يكفي من الترسانة القانونية، التي تجرم وتحارب هذه الظواهر. فالقانون الجنائي، به العديد من المقتضيات التي تتضمن عقوبات . والمغرب صادق على اتفاقيات دولية وإقليمية، تضع على عاتقه العمل من جهة للحماية القبلية للأطفال، ومن جهة ثانية، لملاحقة ومعاقبة كل من ثبت استغلاله جنسيا لهم، أوالمتاجرة بهم. ونشير هنا إلى اتفاقية حقوق الطفل، التي تنص مادتاها 34 و 35 على إلزام الحكومات بحماية الأطفال من جميع أنواع الاستغلال الجنسي وسوء المعاملة، واتخاذ كافة الإجراءات المتاحة لضمان عدم تعرضهم لذلك، كما أن البروتوكول الاختياري المتعلق بالاتجار في الأطفال، وبغاء الأطفال، واستخدام الأطفال في المواد والعروض الإباحية، يضع شروطا تفصيلية للدول للقضاء على هذا الاستغلال الجنسي..الانتهاكات.
ويعرف هذا البروتوكول الاستغلال الجنسي بأنه « أي فعل أو تعامل يتم بمقتضاه نقل طفل من جانب أي شخص أو مجموعة من الأشخاص إلى شخص آخر لقاء مكافأة أو أي شكل آخر من أشكال العوض.(…) وبأنه استخدام طفل لغرض أنشطة جنسية مقابل مكافأة أو أي شكل آخر من أشكال العوض».
وبالإضافة إلى هذه النصوص، التي صادق عليها المغرب، هناك اتفاقية مجلس أوروبا حول حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي، التي تعرف هذا الاستغلال بأنه «ممارسة نشاطات جنسية مع طفل سواء حصلت الممارسة نتيجة الإكراه أو التهديد أو استخدام الثقة أو السلطة أو التأثير أو نتيجة حالة ضعف عقلي أو بدني للطفل».
إذن يجب إعمال مكثف للقانون،ولمضامين الاتفاقيات، واتخاذ تدابير مراقبة مستمرة، ووضع برامج تحسيسية من أجل الحد من هذه الظاهرة البشعة، التي تنتهك براءة الأطفال، وتزج بهم في عوالم المعاناة والعذاب النفسي والجسدي.
الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 12/01/2018