الجزائر وأسطوانتها المشروخة

الاتحاد الاشتراكي

كلما اشتدت أزمات الجزائر، كلما وجد مسؤولوها في المغرب وجهة لإلهاء شعبهم بادعاءات وهلوسات تثير السخرية. إنها «مغربفوبيا» نظام هذا البلد، الذي يعيش منذ سنوات بين فكي أزمتين: أولاهما اقتصادية، تتمثل في أعطاب التدبير، وفساد المؤسسات، والتراجع الفظيع لعائدات المحروقات. وثانيهما سياسية، تتلخص –أساسا- في أن مؤسسة الرئاسة في وضع سريري، بسبب المرض المزمن لأكثر من عقد من الزمن للرئيس (شافاه لله)، الذي لايقوى على ممارسة مهامه بشكل عادي، وفي اللااستقرار مؤسسة الحكومة بسبب صراعات أجنحة النظام، أحزابا وأشخاصا ووسائل إعلام…
« المغرب، يغرق الجزائر بالمخدرات». تلك هي الأسطوانة المشروخة التي يرددها أكثر من مسؤول عند العجز عن تبرير تدهور البلد المتواصل على أكثر من صعيد، والمتجلي في توقف مئات المشاريع لعدم وجود اعتمادات، وتوقف التشغيل بشكل شبه مطلق، واتساع دائرة أزمة السكن …آخر من ردد هذه الأسطوانة الوزيرُ الأول أثناء المجلس الوطني لحزبه «التجمع من أجل الديمقراطية» في افتتاحه، وفي الندوة الصحفية التي أعقبته .
«أولئك الذين يحاولون من الخارج إغراق بلادنا تحت تدفق هائل للمخدرات والكوكايين».
(…) إنه اعتداء حقيقي على شعبنا من خلال محاولة تسميم شبيبتنا وكبح مسار تنميتنا، كما هو إهانة خطيرة للمستقبل المشترك للشعوب المغاربية». هكذا «غنى» أويحيى مرتين هذا الاسبوع نفس الأغنية التي أداها وزير خارجية الجزائر قبل أسابيع .وهما معا بالإضافة إلى ماوصفته وسائل الإعلام بأنه غناء لإلهاء الشعب الجزائري، اختار كذلك توقيتا دبلوماسيا . فرئيس الدبلوماسية، كال اتهاماته للمغرب وأبناكه وشركة طيرانه في الوقت الذي كانت فيه ثمة استحقاقات إفريقية.وأما الوزير الأول، فجاءت تصريحاته عشية وأثناء أشغال الاجتماع ال14 لوزراء خارجية الدول الأعضاء في مجموعة الحوار 5+5، الذي انعقد أول أمس الأحد في الجزائر العاصمة.
إن قضية المخدرات والتي يعاني منها المغرب والجزائر على غرار عشرات الدول، لاينبغي أن تعالج باتهامات وادعاءات، أو كما قال وزير الخارجية المغربي خلال كلمته باجتماع مجموعة الحوار 5زائد 5 «إن استقرار منطقتنا أمر أساسى، وهو ثمين جدا لكي يتم اختبار صلابته، وهو لا يتم من خلال تصريحات طائشة»، مضيفا «أن التعاون الإقليمى لم يسبق أن حقق تقدما من خلال توجيه اتهامات رعناء».
لقد أجهضت الجزائر بمعاداتها للمغرب في وحدته الترابية، وفي مقاربتها الخاطئة للقضايا المشتركة ، حلمَ الاندماج الاقتصادي بين البلدين، وأهداف التجمع الجهوي الاتحاد المغاربي، وأغلقت حدودها مع بلادنا، وفرضت على هذا التجمع بحكم موقعها الجغرافي، أن تكون تجارته البينية الأضعف عالميا. وهاهي تتمادى في وضع رأسها في رمال الادعاءات والاتهامات، وهي بسلوكها وخطابها و»أغنيتها»المملة هاته÷ إنما تشيد سجن العزلة لشعبها، وتحرمه من آفاق واعدة، يوفرها التعاون المغربي الجزائري والمغاربي عموما.
نتمنى أن يستعيد الوعي السياسي لجارتنا الشرقية غايات حركات التحرر الوطني المشتركة، التي سعت دوما لبناء صرح مغرب كبير، ينعم أبناءه بخيراته وإمكانياته.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 23/01/2018