القطاع غير المهيكل: مانبَّه إليه الاتحاد…

«الاتحاد الاشتراكي»

سلطت الأجواء المأتمية التي تعيشها بلادنا في الشمال، الضوء على حقيقة مرة، لم يعد من المقبول بتاتا التغاضي عنها، أو تغطيتها بمراهم واهية وظرفية، وهي حقيقة الوضع الكارثي للاقتصاد غير المهيكل، الذي لم يعد يقتصر على قطاع دون آخر، بل صار بنية حقيقية، وعرضانية تمس كل مناحي الإنتاج الوطني.
وقد كانت للاتحاد الاشتراكي، مناسبات عديدة لكي ينبه إلى خطورة هذا الوضع، الذي زادت حدته مع مآسيه الاجتماعية، إضافة إلى نسفه لكل مجهود وطني لتحديث الاقتصاد وضمان العيش الكريم، ولكي تطرح أجندة للتعافي من هذا الوضع المأساوي . وهناك مناسبتان حديثتان لا بد من التذكير بهما في هذا المضمار:
الأولى تتعلق بلحظة تقديم مذكرة حزب القوات الشعبية حول تصوره للنموذج التنموي الجديد لبلادنا.وقد تقدمت قيادته مرتين على التوالي بطرح مضامين هذه المذكرة وتفسير مقترحاتها ووجاهة مرتكزاتها من نواحي العصرنة والعدالة الاجتماعية وتصليب المنافسة وتقوية النسيج الوطني وأهدافه القريبة والمتوسطة والبعيدة المدى…
وهي المقترحات التي وضعت ضمن مقترب اقتصادي شامل، يبحث في الإدماج المتدرج للقطاع غير المهيكل في النسيج الوطني.
ومن خلال شبكة مترابطة، وضع الاتحاد موقع الاقتصاد غير المهيكل، في دائرة الإصلاح الفوري والجريء. حيث دعت مذكرته إلى» تغيير شامل في مناخ الاستثمار وتسهيل إدماج عمل المقاولات الصغري والمتوسطة والإدماج التدريجي للقطاع غير المهيكل« …
وكانت الجلسة الثانية مع لجنة النموذج التنموي، مناسبة أخرى لتفصيل أكثر، بعد أن وضع الاتحاد للمسألة، إطارها الكيفي والكمي، معتبرا أن الأولوية في المجال الاقتصادي تعود إلى الاقتصاد غير المهيكل، والذي يشكل جزءا أساسيا من اقتصادنا الوطني.
وهنا لا بد من أن من نعيد إلى الأذهان أننا أمام تنازل «عن الاقتصاد الوطني في مجال لا يشارك فيه صاحب القرار الاقتصادي الوطني العمومي سوى بتدبير 40 % منه، ومقابل ذلك، نفهم أننا نتعايش مع هذا الوضع المختل الذي يوجد فيه 60 % من القرار في الاقتصاد الوطني »خارج الإرادة »..
وكانت المناسبة الثانية، ذات ارتباط بتقديم الاتحاد لمقترحاته حول قانون المالية التعديلي.
وكان واضحا بالنسبة للاتحاد أن» الخروج من القطاع غير المهيكل الذي يمثل الجزء الأهم من الاقتصاد الوطني؛ يقتضي مراجعة العتبات الجبائية بالنسبة للضريبة على الدخل والضريبة على الشركات للتشجيع على هذا الخروج.
إن المسؤولية الحكومية قائمة، ول«ا يمكن التهرب منها تحت أي ذريعة كانت.
وزادت هذه المسؤولية، حدة ووضوحا، مع الظروف التي نعيشها اليوم.
فقد أظهرت الجائحة أو عززت، على الأقل، القناعة بأن هناك هشاشات بنيوية تمس الهيكل الأكبر للاقتصاد، وأن الوضع الحالي «يسمح« بنوع من التساهل
أو التأجيل، درءا لانفجار الوضع الاجتماعي، الذي لولا الدولة لكان قد تهاوى كليا.
وهي فرصة لتفكير يشحذ الإرادة الجماعية ويقوي من وتيرة تجاوز هذه الهشاشة التي يستفيد منها أيضا الرأسمال الجشع، بدون حدود أدنى للسلامة أو العمل الكريم..
وإذا كان الرأي العام، يحرض السلطات العمومية، عن حق وعدل، على مزيد من الالتزام السياسي والأخلاقي، بتدبيرها لنتائج القطاع غير المهيكل، وما تتسببه من كوارث أحيانا، فإن الروح العليا للمسؤولية الوطنية تقتضي التعجيل بالقرارات التي تفرضها هذه الوضعية .
وعليه، نؤمن بأنه إذا كان الاقتصادي في النازلة المأساوية، غير مهيكل، فإن المسؤولية العامة، في المقابل، مهيكلة بالقانون والأخلاق السياسية وبالالتزام الوطني والضمير الجماعي.
ولعل التفكير الموضوعي، الصارم «والبارد» في إشكالات الاقتصاد غير المهيكل، وكل توابعه الاجتماعية، يفرض التوازن والتقدم المدروس، فإن الحرارة في التفاعل مع الوضع الحالي مطلوبة أيضا، في تحميل المسؤولين كافة عواقب تهاونهم في أداء مهماتهم…

 

الكاتب : «الاتحاد الاشتراكي» - بتاريخ : 11/02/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *