المدرسة بحاجة للحماية القيمية والتربوية

الاتحاد الاشتراكي
رسم تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين صورة مأساوية سوداوية لأحد أهم أبرز أركان التعليم ببلادنا . ودق هذ المجلس، وهو مؤسسة دستورية نواقيس الإنذار والخطر.. مؤكدا أن هناك اختلالات فظيعة في مجالات التربية على القيم بالمدرسة المغربية، أبرزها التفاوت بل الهوة السحيقة بين أهداف البرنامج الدراسي وواقع الممارسة التربوية .
التقرير، الذي جاء تحت عنوان» التربية على القيم بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي»، خلص إلى أن المضامين والوثائق المرجعية المقدمة للتلاميذ، لا تتلاءم ولا تواكب التشريعات والمستجدات المؤسساتية والمعرفية الحاصلة في بلادنا وعلى الصعيد الدولي. وأن هناك تناقضات وتعارضات جمة بين مقررات ومواد دراسية تؤدي إلى تضارب في التمثلات واتجاهات السلوك لدى المتعلم.
ورصد هذا التقرير تزايد انتشار الظواهر السلبية، كالغش، وتعاطي المخدرات، وعدد من الممارسات المنافية لقيم المدرسة.
وحمل التقريرمسؤولية المشاكل، التي تتخبط فيها المدرسة المغربية على مستوى القيم للدولة المغربية، أولا، من خلال المؤسسات المسؤولة بشكل مباشر على المدرسة، وثانيا للأطر التربوية والإدارية لضعف التكوين ولاعتماد تكوينات غير مجدية تتسم بطابع الموسمية.
ويمكن اعتبار تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين امتدادا لتقرير الخمسينية الذي تم نشره قبل أكثر من عقد، حيث احتوى على جوانب مهمة في موضوع القيم . لكن السياسات العمومية والاستراتيجيات وبرامج الإصلاح في قطاع التربية والتكوين، يبدو أنها لم تعر واحدا من أهم التقارير التي تم إنتاجها أي أهمية، ولم تجعل من بين أولوياتها الأخذ بخلاصاته وتوصياته .وحتى الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي جعل من إصلاح منظومة القيم أحد أهدافه، تم اختزاله في جوانب تقنية ومحاولة لتصحيح بعض الأرقام لا أقل ولا أكثر… واتضح عدم نجاعة المبادرات الإصلاحية المتخذة خلال السنوات الأخيرة نتيجة الفشل في أجرأة مشروع الإصلاح وتنفيذه على أرض الواقع كما تثبت ذلك مختلف التقارير الدولية والوطنية، الشيء الذي انعكس سلبا على الممارسة التربوية …
إن هناك غيابا للبعد الاستراتيجي الموحد في إصلاح منظومة التربية والتكوين، سواء على مستوى المناهج أو المخططات،وإن من سمات ذلك، وجود تنافر وتباعد بل تناقض بحكم طغيان الهواجس المتمثلة في المعالجة المتسرعة والمرتجلة للمشاكل الآنية خارج أي رؤية شمولية بعيدة المدى.
ولابد من إقرار أن هناك فشلا في إرساء تعليم يضمن جودة مكتسبات التلاميذ لتمكينهم من مواجهة متطلبات عالم الغد وبناء مجتمع المعرفة، وعدم القدرة على تعبئة الإطار التربوي لتمكينه من الانخراط الفعلي في مشروع مدرسة الغد والتحمس لإنجاحه، والذي تعد منظـومة القيم أحـد أبرز محاوره .
فلابد إذن، من أن يتم الأخذ بعين الاعتبار تقرير المجلس، وأن تفتح بشكل عاجل أوراش تصحيح الاختلالات، وإعطاء الإصلاح مدلوله الحقيقي بدلا من سياسات الترقيع والعلاج عن طريق»الاسبرين». فجيل الغد، يجب أن يكون محصنا، بقدر ما يجب أن يكون مكونا منتجا مساهما في التنمية.
الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 21/04/2017