المغرب والاتحاد الأوروبي

خلال الخمسين سنة الماضية، توطدت علاقات المغرب والاتحاد الأوروبي بالعديد من الاتفاقيات في مجالات شتى: اقتصادية وتجارية وقطاعية وسياسية …جعلت بين بروكسيل والرباط روابط نموذجية بين تجمع قاري يشاطئ الأبيض المتوسط شمالا وبلد يتواجد بموقع استراتيجي جنوب هذا البحر . فمنذ سنة 1969 حيث وقع الطرفان أول اتفاقية تجارية تفضيلية تراكمت ولخمسة عقود اتفاقيات عدة أبرزها اتفاقية الشراكة لسنة 1996 والوضع المتقدم للمغرب في إطارالشريك المميز واتفاقية التبادل الحر… وقد بلغ حجم المبادلات بين الطرفين 35 مليار أورو، من بينها 21 مليارا من واردات المغرب من أوروبا و14 مليار من الصادرات نحو دول الاتحاد الأوربي.
كل هذه الاتفاقيات كان المغرب يوقعها في إطار سيادته، وانطلاقا من احترام الاتحاد الأوروبي لهذه السيادة.ونعتقد أن الطرفين اليوم حريصان على توطيد العلاقات بينهما وحمايتها من كل نكوص أو تراجع . فهناك من القوى الإقليمية بالمنطقة واللوبيات تحت الطلب التي لاترى بعين الارتياح إلى هذه العلاقة التاريخية التي تطورت في مجالاتها ووعدت بآفاقها .وقد سخرت هذه القوى إمكانياتها المالية والمتمثلة أساسا في عائدات المحروقات، كي تستهدف هذه العلاقات.ومن بين المجالات التي تستهدفها اتفاقيات القطاع الفلاحي والصيد البحري، حيث أصدرت المحكمة الأوروبية، واستجابة للوبي المعادي للمغرب، قرارات تهدد هذه الاتفاقيات.
لقد عبرت الحكومة أول أمس أبرز ثوابت علاقات بلادنا والاتحاد الأوروبي تتجلى في أن المغرب لن يوقع أي اتفاق للصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي إلا على أساس سيادته الكاملة على كل ترابه الوطني من طنجة إلى الكويرة، وأنه إذا تم المس بهذه الثوابت، فإن المغرب غير مستعد ولن يقبل أن يبرم أو حتى أن يستمر بأي اتفاق، بما فيه اتفاق الصيد الحالي، خارج هذا الإطار.
إنه موقف واضح وجلي: المغرب الحريص على شراكته مع الاتحاد الأوروبي، سيتعامل مع نتائج قرار المحكمة الأوربية من منطق ثوابته الوطنية، وأنه كما أكدت الحكومة «لا يمكنه أن يقبل ولن يقبل مستقبلا أي مساس بهذه الثوابت الوطنية، كما أنه ينطلق من هذه الثوابت في علاقاته الخارجية، ويبقى مرنا في مفاوضاته وعلاقات التعاون والشراكات التي تجمعه بدول العالم، وهو يعتز بتنوع علاقاته الدولية وتوازنها، كما أنه وفي لشركائه، ولن يتردد في المضي قدما في الدفاع عن مصالحه بناء على هذه الثوابت الوطنية».
إن للمغرب خيارات عدة في علاقاته التجارية والاقتصادية، خيارات تنطلق أولا وأساسا من الحفاظ على سيادته واحترام وحدته الترابية، ويؤكد أنه حريص على أن تستمر علاقاته بالاتحاد الأوربي بنفس الزخم الذي شهدته الخمسون سنة الماضية، العلاقات التي راعت الثوابت الوطنية لبلادنا في جو من الثقة المتبادلة. ونأمل أن تكون هذه الثقة أساس تعميق الشراكة بين الطرفين، والسلاح الذي تتم به مواجهة كل المناورات التي تحاك ضدها.