الهجرة بين أفق إنساني ووقائع عنصرية

الاتحاد الاشتراكي

عاد موضوع الهجرة إلى الواجهة بقوة في الأيام الأخيرة ،إذ لم يخل يوم من مأساة أو تصريح أو اجتماع أووقائع سياسية، تتعلق بهذه الظاهرة التي تعبر عن اختلالات فظيعة في منظومات التنمية والاستقرار، وحقوق الإنسان والأمن.
في هذه الأيام التهم البحر الأبيض المتوسط عشرات المهاجرين، الذين حاولوا الوصول إلى الضفة الشمالية حيث أوروبا ، وتم إنقاذ المئات من الأشخاص بعد أن تعطلت قواربهم وحاصرهم الموج ،أو اكتشفت دوريات المراقبة الايطالية والاسبانية مسارات تنقلهم … وضمن الغرقى أو الناجين هناك نساء وأطفال سعوا إلى الالتحاق بالقارة العجوز. وفيها أطلق مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، صيحة إنسانية حقوقية، وهو يقدم تقريرا إلى مجلس حقوق الإنسان قال فيه إنه صدم بالسياسات القمعية المتبعة في الولايات المتحدة وأوروبا، خاصة معاملة المهاجرين بقسوة متزايدة، وأن الديمقراطية بالغرب، أخفقت في احترام الحقوق الأساسية.
«في الولايات المتحدة، صدمت جراء تقارير عن أن الكثير من المهاجرين ممن يتم اعتراضهم على الحدود الجنوبية، ومنهم أطفال، يتم احتجازهم في ظروف سيئة – مثل درجات حرارة منخفضة تصل إلى التجمد- وأن بعض الأطفال الصغار يتم احتجازهم بعيدا عن أسرهم».
وقال إنه يوجد في العديد من دول الاتحاد الأوروبي اتجاه صوب «العنصرية، وكراهية الأجانب، والتحريض على الكراهية» يهيمن حاليا على الأفق السياسي، مثلما ظهر في الحملة الانتخابية الأخيرة في إيطاليا، حيث صوت أكثر من 70% من الايطاليين لصالح مرشحين وعدوا ببدء عمليات طرد جماعي، إذ اكتسح حزب «الرابطة» اليميني المتطرف الشمال المتوجس من تزايد الهجرة، فيما فاز حزب «حركة النجوم الخمس» الشعبوي والمعادي لهيئات الحكم في جنوب البلاد، حيث تسود الهواجس الاقتصادية.
وتصادف هذه التصريحات زيارة الرئيس الأمريكي أول أمس إلى جنوب الولايات المتحدة الأمريكية لتفقد نماذج للجدار الذي يريد تشييده على طول الحدود مع المكسيك لوقف الهجرة، وتنفيذا لأحد أبرز وعوده الانتخابية إثارة للجدل خصوصا في كاليفورنيا.
ودون شك، فإن مآسي ووقائع الهجرة في هذه الأيام والسنوات التي قبلها، سيصل إلى الجولة الثانية من المفاوضات الحكومية الدولية بشأن الميثاق العالمي حول الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة،التي انعقدت أول أمس الاثنين بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، وذلك بهدف التوصل إلى النص النهائي، الذي سيوقع في دجنبر المقبل في مؤتمر دولي، سيعقد في المغرب. وهوالميثاق الذي اتخذ له عنوانا :»اتفاق عالمي حول الهجرة الآمنة والمنظمة والشرعية».ويهدف إلى «تكثيف التعاون حول الهجرة العالمية بكل أنواعها.ويفصل في 22 التزاما لتمكين المهاجرين، سواء كانوا يسعون إلى حياة أفضل أو يفرون من العنف والفقر، من القيام بذلك بطريقة آمنة ومنظمة…تحفظ الكرامة لهؤلاء ال 250 مليونا شخصا شاءت ظروف عدة ، ويمثلون 3,4 بالمئة من سكان العالم.
لكن المفارقة التي نستنتجها، هي أنه بقدر ما تسعى الأمم المتحدة إلى إيجاد أفق إنساني لظاهرة الهجرة بقدر ما يتخذ المسؤولون بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية إجراءات لا إنسانية . وبقدر ما يتجه الناخب إلى الإدلاء بصوت انتخابي ذي حمولة عنصرية مناهضة للمهاجرين، وداعية إلى طردهم، وإغلاق كل المنافذ في وجههم، وسن تشريعات تعد بمثابة جدران عالية تفصل ما بين الشمال والجنوب…
وهنا نذكر بما قاله جلالة الملك في رسالته إلى القمة الافريقية 30 وجلالته يقدم خلاصات «الأجندة الإفريقية حول الهجرة» : إن هذه الظاهرة «لا تسبب الفقر لبلدان الاستقبال: لأن 85 بالمئة من عائدات المهاجرين تصرف داخل هذه الدول، وأن الهجرة ظاهرة طبيعية تمثل حلا لا مشكلة . ومن ثم، ينبغي علينا اعتماد منظور إيجابي بشأن مسألة الهجرة، مع تغليب المنطق الإنساني للمسؤولية المشتركة والتضامن».

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 15/03/2018