انتخابات فرنسا: خلاصاتها وتداعياتها

الاتحاد الاشتراكي
تجري غدا الأحد أطوار الدور الثاني للانتخابات الفرنسية لاختيار رئيس جديد هو الحادي عشر، في ظل الجمهورية الخامسة، التي عمرت نصف قرن.وستكون لنتائج هذا الاستحقاق تداعيات عدة سواء على المستوى المحلي أو الأوروبي أو عموما في العلاقات الدولية بمستوياتها الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية.
لقد أفرزت نتائج الدور الأول لهذه الانتخابات والتي جرت في23 أبريل الماضي عدة خلاصات بعضها كان متوقعا والبعض الآخر تعرفه الساحة السياسية منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي :
أولا ؛ أنه تم فرز مرشحين اثنين لاينتميان للتشكيلتين الحزبيتين اللتين تنافسها على الدخول إلى قصر الإيليزي منذ بداية الجمهورية الخامسة التي أسسها دستورالخامس من أكتوبر 1958. فلا مرشح عائلة اليمين ولا الحقل الحزبي لليسار ممثلا في الاشتراكيين استطاعا الحصول على رتبة تؤهلهما لخوض الدور الثاني الذي سيجري غدا الأحد.وهي خلاصة نجمت عن الصراعات الحادة التي عرفتها أجنحة هاتين العائلتين خاصة في الخمس سنوات الأخيرة . وسيكون على ورثة فكر جان جوريس، كما هو الشأن بالنسبة لليمين المركب، أن يعملا على بناء الذات وإعادة صياغة التنظيم والتصور والمشروع لاستعادة المبادرة في الاستحقاق المقبل.
ثانيا؛ هي انتخابات تجري في ظل تنامي اليمين المتطرف في خطابه وشعاراته وأطروحاته ليس في فرنسا وحدها، بل في دول أوروبية أخرى وفي الولايات المتحدة الأمريكية . فمرشحة هذه الظاهرة السياسية مارين لوبين حصدت مايقارب سبعة ملايين صوت. وهو رقم قياسي بالنظر للنتائج التي سبق أن أحرزها هذا الحزب في الأدوار الأولى التي خاضها منذ مشاركته.
كما تميزت هذه الانتخابات وخاصة في الحملة الانتخابية لدورها الثاني، بتفشي الخطاب الشعبوي والمعادي للأجانب، وهو خطاب اعتمدته لوبين وأنصارها ، وجعلت منه وسيلة لاستمالة الناخبين، مدعية أن المهاجرين هم سبب الأزمات الاقتصادية واللاأمن …وهاتان الخلاصتان، الأولى والثانية، تؤشران على وجود أزمة الديمقراطية بفرنسا.
ثالثا ؛ أن هذه الانتخابات تجري في سياق قاري، يتعلق بالاتحاد الأوربي الذي أصبح ورقة انتخابية، تسعى لجعله مشجبا لانحسار الدورة الاقتصادية المحلية ومفرملا لها . واعتماد النوستالجيا لاستعادة « الحدود الوطنية»و»العملة الوطنية»…. وبالتأكيد سيكون على أنصار الاتحاد الأوربي العمل على سد الثغرات التي يستغلها الخطاب المعادي، وجعل هذا التجمع القاري فضاءً رحبا في الإنتاج والوحدة الأوربية .
مغربيا، نتائج الانتخابات ذات أهمية على طبيعة العلاقات الثنائية . ففي فرنسا، هناك ملايين من المغاربة، الذين يستهدفهم خطاب اليمين المتطرف وشعاراته ونواياه. فهو حزب يمارس العنصرية والتمييز والكراهية . ووصوله إلى الايليزي (وتستبعد استطلاعات الرأي هذا الوصول ) من شأنه أن ينتج سياسات تستهدف بالدرجة الأولى الأجانب وضمنهم المغاربة.
كما أن المغرب تربطه علاقات سياسية واقتصادية وثيقة، ستكون على المحك، في ظل غياب التشكيلتين التقليديتين عن الرئاسة . وبالرغم من أن العديد من المؤشرات، تفيد بأن مرشح الوسط بيساره ويمينه، هو الأكثر حظوظا، خاصة بعد دعمه من طرف العديد من القوى السياسية والنقابية، فإن هناك ضرورة للحرص على أن لا تتأثر هذه العلاقات سلبا بنتائج اقتراع الأحد السابع من ماي 2017.
الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 05/06/2017