ترتيبات إيجابية تتطلب إجراءات في المضامين والمناهج …

الاتحاد الاشتراكي

حرصت وزارة التعليم هذه السنة على إنجاز دخول مدرسي دون تبذير زمن في عمليات تسجيل وإعداد أو إصلاح للأقسام والمرافق كما كان عليه الشأن في المواسم السابقة، نسجل هنا أن جهودا كبرى تم بذلها منذ انتهاء السنة الدراسية الفارطة، حيث تحولت العطلة الصيفية إلى ورش شهد إعادة تسجيل التلاميذ بمختلف المؤسسات وقامت مراكز التكوين المهني في أجواء تعبئة وطنية بتوفير مئات الآلاف من الطاولات كما أن هذه المؤسسات المنتشرة في مدن وقرى المغرب تم طلاؤها على الأقل للمساهمة في جماليتها …
هذه التعبئة التي كان أحد أبرز أعمدتها كذلك مدراء المؤسسات التعليمية وأطقمها الإدارية جعلت الدخول المدرسي لهذه السنة، كما قال الوزير في اجتماع مجلس الحكومة، أول أمس، ينطلق بشكل فعلي بجميع الأسلاك التعليمية يوم 7 شتنبر 2017، وبمؤسسات التكوين المهني يوم 6 شتنبر 2017، ويوم 11 شتنبر بالنسبة لمؤسسات التعليم العالي.
وبلغة الأرقام، فقد التحق ما مجموعه 7.071.727 تلميذة وتلميذا بالتعليم المدرسي، ونحو 900 ألف طالب بمؤسسات التعليم الجامعي، فضلا عن التحاق 673.200 متدرب ومتدربة بمؤسسات التكوين المهني.
لقد سجلنا في رسالة سابقة إيجابية الإجراءات المعلن عنها، ومنها العمل على حل مشكل الاكتظاظ الذي يعد جحيما لا يطاق بالنسبة للأساتذة والتلاميذ وآبائهم على السواء، لتأثيره المباشر على العملية التعليمية في شقها الاستيعابي، وكذا للظواهر والسلوكات السلبية التي يفرزها هذا الاكتظاظ، كما سجلنا أهمية التسجيل المبكر قبل انتهاء السنة الدراسية، لما لذلك من مردودية على الزمن التعليمي، حيث أبانت التجربة السابقة، والتي امتدت لعقود، بأن الموسم يبذر حوالي شهر في هذه العملية الإدارية، كما أن الاهتمام باللغات في المرحلة الابتدائية ومن سنواتها الأولى سيساعد على التمكن المعرفي للتلاميذ…
وبقدر ما سجلنا إيجابية الإجراءات والترتيبات المتخذة بقدر ما نؤكد الحاجة إلى إجراءات تنصب على المضمون، أي أن ننتج تلميذا في مستوى العصر وطالبا في قيمة التطور العلمي والمعرفي.
تعليم مرتبط بسوق الشغل لا أن يعد لنا كل سنة أفواجا من العاطلين بلا أفق ولا قيمة مضافة في النسيج الاقتصادي والتنموي، وأن يتم تأطير المنظومة التعليمية بعنصر بشري كفء ومؤهل فكريا وبيداغوجيا، نوفر له كل مستلزمات العمل والعطاء معنويا وماديا.
المغرب اليوم مطالب بإعادة الاعتبار لمدرسته العمومية وجعلها مؤسسة منتجة تبني التلاميذ على أسس متينة في المعرفة، لا أن يقدم كل التسهيلات والامتيازات للقطاع الخاص الذي أصبح يمارس جشعه على الأسر وينسف قدراتها الشرائية.
إن الشطر الثاني بعد الترتيبات المتخذة يجب أن ينصب على المضامين والمناهج ووضع منظومة تعليمية في مستوى انتظارات المغاربة، إننا نعتبر أن ورش إصلاح التربية والتعليم استراتيجي بالنسبة لبلادنا، التي عانت من هدر متواصل، في أهم ركن من أركان وجودها، وهي مواردها البشرية، وفي هذا الإطار، فإنه لا يمكن عزل هذا الورش عن إصلاح المدرسة العمومية، وعن متطلبات الحداثة والعمل على انخراط المغرب في مجتمع العلم والمعرفة والإبداع، والانفتاح على ثقافات العالم ولغاته الحية الفاعلة، وذلك بالتخلي عن كل الأغلال التراثية والثقافية واللغوية والمنهجية، التي يرزح تحتها التلاميذ والطلبة، والتي جعلت من تعليمنا نموذجا للفشل وإعادة إنتاج منظومة التخلف.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 15/09/2017