تصريحات تفضح رؤية الجزائر لإفريقيا ومهاجريها

يتضح يوما بعد يوم، أن إفريقيا بحاجة مستعجلة لمقاربة جديدة تتعلق بملف الهجرة، وأن على الاتحاد الافريقي الشروع الفعلي لإقرار وإعمال الرؤية الجديدة، التي قدمها إلى قمته جلالة الملك قبل أسبوع، وضمنها خارطة الطريق، لمعالجة هذا الموضوع، الذي تتسع تداعياته ومآسيه وضحاياه …
إفريقيا القارة الشابة، في أمس الحاجة إلى أبنائها، في إطار نهضة تنموية، تحد من هجرتهم، بحثا عن آفاق جديدة، هروبا من الفقر والحروب والصراعات المسلحة .فبدل أن يقطعوا الصحراء الكبرى، ويركبوا عباب المحيط الأطلسي، والبحر الأبيض المتوسط، يتوجب على إفريقيا الغنية بثرواتها الزاخرة، بإمكاناتها أن تنتج سياسات عمومية، واستراتيجيات من أجل الاستقرار، وتمكين الشباب من الوسائل المادية والمعنوية، كي ينخرط في التنمية، ويكون محورها، والفاعل الرئيسي فيها .
ومن أجل تحقيق ذلك، يتعين على المسؤولين بهذه الدولة أو تلك، أن تتوفر لديهم نظرة تنسجم وهذه الإفريقيا التي نريد ،نظرة تحترم أولا كرامة الإنسان عوض إلصاق التهم به، ووصمه بصور سلبية كما فعلت الجزائر نهايةَ الأسبوع، حيث أدلت رئاسة ديوان رئيسها بتصريحات مشبعة بالعنصرية والإهانة، هي-في الواقع- امتداد لسياسة هذا البلد، الذي له سجل أسود في التعامل مع المهاجرين واللاجئين الهاربين من ويلات الحروب.
« هذه الجالية الأجنبية المقيمة بالجزائر، بطريقة غير قانونية، فيها الجريمة والمخدرات..فيها آفات كثيرة» . هكذا صرح مدير الرئاسة . تصريحات وصفتها منظمة العفو الدولية ب «الصادمة والفاضحة « التي « تغذي العنصرية، وتشجع على رفض هؤلاء الأشخاص الذين فروا من الحروب والعنف والفقر».
وهؤلاء المهاجرون « جاؤوا إلى الجزائر بحثا عن السلام والأمن، ومن واجبنا استقبالهم كما تنص على ذلك المواثيق الدولية التي وقعتها وصادقت عليه الجزائر».
هي تصريحات-إذن- تفضح الرؤية الجزائرية تجاه قضايا وإشكالات القارة، وتكشف عن ازدواجية الخطاب لدى المسؤولين الجزائريين .
وحتى لا تستمر معاناة المهاجرين الأفارقة، تقدم المغرب بمذكرة أولية بعنوان “رؤية لأجندة إفريقية حول الهجرة”. التي التزم بها في القمة ال 28ترتكز على أربعة محاور أساسية:
يتناول المحور الأول، السياسات الوطنية في تدبير الهجرة غير الشرعية، ومكافحة كافة أشكال الاتجار في هذا المجال، وخلق الظروف السياسية لاندماج المهاجرين، مع الحرص على الحفاظ على حقوقهم.
ويتعلق المحور الثاني، بتنسيق إقليمي، والذي من غيره، تصير السياسات الوطنية لتدبير الهجرة بلا جدوى. إن مختلف المناطق بالقارة، تتطور بوتيرة متباينة في ما يخص الاندماج الإقليمي.
أما المحوران الآخران، فيهمان البعد القاري والشراكة الدولية.
هكذا، فإنه من الضروري تبني بعد قاري، يمكن من وضع استراتيجية مشتركة للهجرة، بهدف التغلب على العراقيل والتحديات، التي تطرحها قضية الهجرة بالنسبة للبلدان الإفريقية…
ومذكرة المغرب، إنْ هي إلا امتداد للسياسة الجديدة للهجرة التي تعتمدها المملكة منذ أكثر من ثلاث سنوات، مستندة على :المقاربة الإنسانية-المقاربة الشمولية-احترام حقوق الانسان-الانسجام مع القانون الدولي-التعاون متعدد الأطراف المسؤولية المشتركة. وهي سياسة أشاد بها المجتمع الدولي، دولا ، منظمات وفعاليات حقوقية .
نتمنى أن يعمل الاتحاد الافريقي على إعمال مضامين هذه المذكرة ، كيْلا تستمر معاناة المهاجرين الأفارقة وحتى تنمحي تلك الصور السلبية من سلوكات المسؤولين أمثال مدير ديوان رئاسة الجزائر وغيره …