قضايا في معركة المساواة والكرامة

هو اليوم العالمي لحقوق المرأة هذا الذي يحل يومه الخميس الثامن مارس. يوم لا يجب أن يحجب بقية أيام السنة نضع فيها الملف الحقوقي لنصف سكان المغرب جانبا إلى أن نخلده السنة المقبلة في مثل هذا الموعد. لقد قررت الإنسانية وتكريما لنساء ذهبن ضحية استغلال بشع أن تحدد يوما كرمز، كوقفة، كمحطة استعراض أوضاع، وضخ نفس جديد في معركة المساواة، وإقرار حقوق النساء.
في المغرب، لا بد لنا ونحن نخلد هذا اليوم من أن نتوقف عند بعض القضايا التي تشكل أولويات في معركة المساواة والكرامة نسائلها ومن خلالها واقع المرأة ببلادنا:
ما مدى تنفيذ الالتزام الدستوري الذي تضمنه الفصل التاسع عشر؟ الفصل الذي يعد مكسبا لنضالات الحركة النسائية والقوى الديمقراطية. لنذكر بمضمونه:
«يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.
تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء.
وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز”.
لقد تمت المصادقة على قانون الهيئة . لكنها لم تر النور بعد من أجل الاضطلاع بمهامها المتمثلة (حسب القانون، وهي اختصاصات أقل بكثير من سقف المطالب الحقوقية) في تقديم مقترحات أو توصيات بهدف تعزيز قيم المساواة والمناصفة، وعدم التمييز وتكريسها وإشعاعها، والاضطلاع بدور مؤسسي كقوة اقتراحية من أجل النهوض بمبادئ المساواة والمناصفة وعدم التمييز.
هناك قضية قانون مناهضة العنف الذي تمت المصادقة عليه في بداية فبراير الماضي، وهو نص قانوني معياري يهدف إلى الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف. إن هناك رهانات عدة في أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ في أقرب وقت، وأن يساهم في الحد من الظاهرة التي استفحلت بشكل مثير .ونشير هنا إلى تقرير رسمي صدر قبل أشهر يفيد بأن العنف الجسدي يشكل أكثر أنواع العنف انتشارا، سواء في الوسط الحضري أو القروي، مشيرا إلى أنه يمس بالدرجة الأولى الفئة العمرية ما بين 18 و30 سنة بنسبة تتجاوز 40 في المئة، متبوعة بالفئة العمرية ما بين 31 و 45 سنة، وهو ما يعني أنه يمس بالدرجة الأولى فئة النساء في سن النشاط الاقتصادي.
والوجه الآخر للعنف، يتمثل في قضية التحرش بالنساء، واستغلالهم جنسيا، وهي جريمة بشعة يجب ان لا يتم تبريرها، أو إذا ثبت الضلوع فيها، ندعي أن الوقائع مفبركة، أو مجرد تصفية حسابات.
إن المبدأ الحقوقي يفرض التضامن مع ضحايا الظاهرة، ومواكبتهن نفسيا لتجاوز محنتهن. وهنا لابد من الإشارة إلى البيان الذي صدر أول أمس بجنيف من طرف خبيرات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تحت عنوان («أنا أيضا : #MeToo: «لحظة تحول، تحرر وتمكين ) والذي أشاد بالحركة العالمية القوية التي سلطت الضوء على العنف الجنسي الممارس ضد المرأة وعدم المساواة بين الجنسين : «لقد حان الوقت للإشادة بعدد لا حصر له من النساء على مر التاريخ تجرأن على الوقوف، والاحتجاج، والقول لا للتمييز ضد النساء والفتيات وأحد أسوأ مظاهرها وهو العنف. وقد كانت شجاعتهن وثوراتهن هي القوة الدافعة وراء كل خطوة من التقدم نحو الأمام «.
هناك مدونة الأسرة التي أصبحت قضية تقتضي من جهة مراجعتها لسد الثغرات التي يتسلل منها المتحايلون للاستمرار في انتهاك كرامة المرأة ومن بين ذلك تزويج القاصرات وكذا عدم تنفيذ الأحكام القضائية . ومن جهة ثانية ملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية التي صادق والتزم بها المغرب. وهنا وجب التذكير بما دعا إليه جلالة الملك قبل أيام إلى ضرورة إعادة النظر في هذه المدونة من خلال «مواكبتها بالتقييم والتقويم، لمعالجة النقائص، التي أبانت عنها التجربة”.بعد أربع عشرة سنة عن صدورها.
هذه بعض القضايا على طاولة الثامن مارس اليوم العالمي من أجل إقرار حقوق النساء. إنها معركة تتطلب التزاما جديا وإرادة حقيقية من أجل بناء مغرب المساواة وعدم التمييز. هي معركة بلاهوادة تحتاج إلى تعبئة مستمرة. وما اليوم إلا محطة من محطات هذه التعبئة.