لاجئو سوريا والحفاظ على الكرامة البشرية

الاتحاد الاشتراكي

اختارت الأمم المتحدة عبر مفوضيتها المختصة، انعقاد القمة العربية بالأردن، كي تنشر تقريرا مأساويا، يتعلق باللاجئين السوريين. وكأن الأمين العام للمنتظم الدولي السيد انطونيو غوتيريس، الذي ترأس لسنوات هذه المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أراد من خلال توقيت النشر للتقرير بمعطياته وشهاداته، أن يضع أمام القمة ملفا، ظل مجرد ضمير مستتر في جداول الأعمال والبيانات والخطب…
هناك اليوم، أكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري، انتشروا في دول الجوار المحيطة بهذا البلد العربي، الذي يتعرض منذ ست سنوات إلى دمار شامل لمدنه ومعالمه الأثرية وبنياته التحتية، تدمير تقوم به كل الأطراف مباشرة أو بالوكالة، ابتداء من نظام بشار الأسد، الذي يصر على التشبث بكرسي الرئاسة ولو على حساب ملايين الجثث، مرورا ب»داعش»،التي تحترف القتل الجماعي والتفجيرات، التي تحصد عشرات الأرواح، وتتفنن في طرق إزهاق الأرواح، إلى كل هذه الجماعات المسلحة، التي تسعى إلى تنفيذ أجندات إقليمية ودولية.
ولإثارة العرب أكثر إلى هذه المأساة الإنسانية، زار غوتيريس مخيم «الزعتري» الرابض على أرض صحراوية شرق العاصمة الأردنية عمان، وهو أكبر مخيمات اللاجئين بالشرق الأوسط، وثاني أكبر مخيمات اللاجئين في العالم، ويكفي أن نعرف أنه يشهد كل سنة مولد أكثر من ألف طفل في ظروف صعبة وقاسية …
ودون شك، فإن المزيد من الاقتتال في سوريا، سيزيد من تهجير الناس، واقتلاعهم من مدنهم وقراهم، والرمي بهم أشتاتا في العالم بمخيمات أو غير مخيمات .
ويكفي أن نسجل، وحسب المفوضية العليا للاجئين، أن الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة، شهدت أكثر من 250 ألف لاجئ إضافي.ونحن هنا في المغرب، نرى –يوميا- جزءا من هذه المأساة على الطرقات والأسواق وأمام المساجد … ولا يمكن معالجة هذه الأوضاع إلا بإيجاد حل للأزمة السورية،حل لايسلك طريق المزيد من الاقتتال بل يعبر مسار العملية السياسية .
لكن، وفي انتظار العودة، لابد من المطالبة بأنسنة لجوء هذه الملايين من الناس الفارين من حرب مدمرة. فعلى الدول التي تستقبلهم، مسؤوليات يقرها القانون الدولي الإنساني، وتؤطرها اتفاقيات دولية وإقليمية، نذكر منها اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين لعام1951 (اتفاقية اللاجئين) والبروتوكول الملحق بها لعام 1967 النظام الدولي لحماية اللاجئين. وهي منظومة تعرّف اللاجئ «بأنه كل شخص يوجد خارج بلد جنسيته، بسبب خوف، له ما يبرره، من التعرُّض للاضطهاد على أساس عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية أو رأي سياسي.» ويأتي مبدأ حظر الإعادة القسرية، في صلب الحماية الممنوحة للاجئين.
و على هذه الدول، أن تضمن لهم التمتع بجميع حقوق الإنسان المنصوص عليها في العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من قبيل الحق في الحياة، وفي عدم التعرض للتعذيب، وإساءة المعاملة، وفي الحرية، والحق في التعليم، والصحة، وحرية التنقل، والتعبير، والتجمع السلمي، والاشتراك في الجمعيات، وفي المساواة أمام القانون…
إنه بقدر مايجب البحث عن حل للأزمة السورية، بقدر ما يجب أن نضمن لهذه الملايين من الناس، أينما حلوا وارتحلوا حياة إنسانية شريفة، تحفظ كرامتهم وإنسيتهم ،وتقِيهم شر الاستغلال والمتاجرة والإهانة.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 01/04/2017