ليكن مجلسا في مستوى التحديات والرهانات

عرض مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية هذا الأسبوع على أنظار نقاش عام من خلال يوم دراسي، نظمته لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، بتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال.
وفي كلمة الوزير، قدمت الحكومة مضامين هذا المشروع ورهاناته. وذلك انطلاقا من المقتضى الدستوري، الذي تضمنه الفصل الخامس من القانون الأسمى، والذي حدد مهمة هذا المجلس على وجه الخصوص، في حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، باعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا.
إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بتراثه وتصوراته ومقارباته، وباعتباره فاعلا تاريخيا في المسألة الثقافية الوطنية، يؤكد، كما أبرزت مداخلات نوابه على ضرورة استناد هذا المجلس على البعد الديمقراطي والحداثي للثقافة وعلى رؤية استراتيجية، تقوم على التفعيل الأسلم للمقتضيات الدستورية، واحترام مبادئ التعددية والتنوع والمواطنة. فالمجلس كآلية، عليه أن يساهم في إرساء قطب ثقافي جديد، قادر على ترجمة هذه المبادئ، ووضع إطار ثقافي شامل كفيل بتحصين الهوية والذات الوطنية، وتقوية التفاعل الإيجابي مع الحضارات الإنسانية المختلفة، عبر خلق دينامية مجتمعية، رافضة للتفكير المنغلق والعدمي ومنتصرة للفكر المبدع والنقدي.
وكما هو معلوم، فإن المسألة اللغوية تمثل أحد مظاهر التنوع الثقافي،الذي يطبع الهوية الوطنية من حيث الاعتماد على نسيج لغوي مهم، يستطيع، في حالة تأهيله وتقويته،أن يساهم بشكل فعال في التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
وتعتبر اللغات في المغرب قضية مجتمع برمته، لأنه مجتمع يجسد التعبير عن مختلف الأبعاد الحضارية والتاريخية والفكرية والبيئية للإنسان المغربي، ويزخر بتعدد لغوي ومجتمعي. لذلك نرى أن تدبير مختلف الأشكال اللغوية والأنماط اللسانية، يجب أن يتم وفق مقاربة تستند إلى المعطيات التقنية والمحددات الوظيفية والامتدادات البيئية. مقاربة نسقية تسعى إلى تعزيز الوضعية الثقافية والاعتبارية للغتين: العربية والأمازيغية، وفي الوقت نفسه ترسيخ مختلف الأبعاد المؤسساتية والعلمية والاقتصادية والمجالية في التدبير اللغوي تدبيرا معقلنا وعادلا ومنصفا.
ونحن نذكر بتصورات الحزب في مجالي الثقافة واللغات، لابد من الإشارة إلى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، طالب في البيان العام لمؤتمره الوطني الأخير ب» التشاورالواسع مع مختلف الفعاليات الثقافية والإبداعية، من أجل وضع مخطط واضح ومضبوط، لتطويرمجالات الإنتاج الثقافي والفكري والفني والإبداعي، مع الاهتمام البالغ بالمكونات اللغوية للمجتمع المغربي، بتعددها وتنوعها، خاصة اللغة الأمازيغية، التي عانت من التهميش والإقصاء، مما يستدعي تفعيل ما ورد في الدستور، بخصوصها، على أرض الواقع».
ونحن نعتبراليوم الدراسي محطة من محطات هذا التشاور،الذي يتعين أن تكون له امتدادات خارج المؤسسة التشريعية ،لاسيما مع الفاعلين الثقافيين واللغويين، من مجتمع مدني وجامعات ومراكز دراسات … حتى يكون القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية في مضمونه ومرجعياته، في مستوى الرهانات والتحديات، من أجل حماية التنوع اللغوي الوطني، وتطويره، وترسيخه، ودعم الانفتاح على اللغات الأجنبية، باعتبار ذلك ضرورة حتمية، لمواكبة العصر والتفاعل مع مكوناته.