مازال هناك بصيص أمل

الاتحاد الاشتراكي

يعرف تجمع إقليمي موتا سريريا كما يعرفه اتحاد المغرب العربي، الذي حلت ذكرى تأسيسه هذا السبت .إنه يوجد بغرفة الانعاش عمليا منذ سنة 1994.ولم تجد نفعاعمليات إخراجه من هذا الوضع، الذي طال قرابة ربع قرن. ووضعه اليوم قد يكون وصل بالفعل إلى أن يسلم الروح لباريها، ويغلق أبواب مؤسساته، ويضع الاتفاقيات المبرمة بالأرشيف، ويحكم الإغلاق عليها. لكن لا بد لنا أن نتشبث بالأمل، بذلك البصيص الذي مازالت تحمله برقيات التهاني، التي يتبادلها قادة الدول الأعضاء بمناسبة الذكرى.
في السابع عشر من فبراير سنة 1989، احتضنت مراكش قمة مغاربية كانت امتدادا للقاء زيرالدة بالجزائر. وفي قاعة بلدية المدينة بالمدينة الحمراء، وكان لذلك دلالة عميقة،تم التوقيع على معاهدة التأسيس ينشأ بمقتضاها اتحاد المغرب العربي، بهدف تمتين أواصر الأخوّة، التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها بعضها ببعض، وتحقيق تقدّم ورفاهية مجتمعاتها، والدفاع عن حقوقها، والمساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف، ونهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين، والعمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص، وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بينها…
شهدت الخمس سنوات من عمر الاتحاد ديناميكية متعددة المستويات، أبرزها فتح الحدود بين المغرب والجزائر، وبناء مؤسسات الاتحاد، وانعقاد مجلس الرئاسة الذي يضم قادة الدول الخمس الأعضاء، وتوقيع أكثر من ثلاثين اتفاقية وبروتوكول، وانسياب متصاعد للتبادل التجاري… واتساع دائرة الأمل في أن يتدارك هذا التجمع الإقليمي ماضاع من عقود التفرقة بين شعوب لها ماض نضالي مشترك، كان من بين أهدافه تحقيق الوحدة من موريتانيا إلى ليبيا مرورا بالمغرب والجزائر وتونس.
لكن جرت مياه السياسة ونوايا الهيمنة بلا مايشتهيه قارب الاتحاد وما لا يقوى على تحمله، إذ أغلقت الجزائر حدودهافي وجه المغرب، ووضعت شروطا لإعادة فتحها، ودفعت بمؤسسات الاتحاد إلى العطالة، وجعلت من مناهضة الوحدة الترابية للمغرب الموضوع الرئيسي لدبلوماسيتها، وعملت على تغذية متواصلة مستفزة لنزاع الصحراء، الذي افتعلته في منتصف سبعينيات القرن الماضي…ووقفت في وجه أي حل سياسي لهذا الملف بإصرارها على إقامة دولة وهمية بأقاليمنا الصحراوية.
في خطاب جلالة الملك محمد السادس أمام قمة الاتحاد الافريقي في دورته الثامنة والعشرين، وردت فقرة معبرة عميقة تلخص وضع اتحاد المغرب العربي . قال جلالته:
«إنه من الواضح، أن شعلة اتحاد المغرب العربي قد انطفأت، في ظل غياب الإيمان بمصير مشترك.فالحلم المغاربي، الذي ناضل من أجله جيل الرواد في الخمسينيات من القرن الماضي، يتعرض اليوم للخيانة. ومما يبعث على الأسى، أن الاتحاد المغاربي يشكل اليوم، المنطقة الأقل اندماجا في القارة الإفريقية، إن لم يكن في العالم أجمع. ففي الوقت الذي تصل فيه المعاملات التجارية البينية إلى 10 في المئة، بين بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، و19 في المئة بين دول مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية، فإن تلك المبادلات تقل عن 3 في المئة بين البلدان المغاربية».
إن متطلبات العصر التجاري والاقتصادي والسياسي ومصالح الشعب المغاربي في التنمية والتطور، تكمن في الاتحاد، موقعه وتاريخه وإمكانيات دوله الخمس والعنصر البشري لديه، كلها مؤهلات من شأنها أن تبلور تلك الأهداف التي تأسس من أجلها . ومازال هناك بصيص من الأمل أن يستعيد دعاة التفرقة وعيهم، وأن تنتصر الحكمة، وتتحقق الوحدة المغاربية.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 17/02/2018