نتمنى أن تكون العملية التخييمية في مستوى الانتظارات

تنطلق بعد أسبوع مراحل العملية التخييمية للأطفال واليافعين والتي تشرف على جزء كبير منها وزارة الشباب والرياضة .ونأمل أن تكون التحضيرات التي تقوم بها الوزارة لوجيستيكيا وتأطيرا،مضامينَ وأهدافا في مستوى انتظارات الحقل الجمعوي الجاد في أنشطته التربوية، والصادق في ممارساته النضالية، والمقتنع بقيمة مبادئ التطوع التي يستند إليها، ويجعلها من صميم وروح ارتباطه بمجال الطفولة والشباب.
لقد عشنا خلال العقد الأخير تراجعات كبرى عن مكاسب كانت انطلاقتها سنة 2003 واعدة ومبدعة، ومؤسسة لتقاليد جديدة، ومستقطبة لأرقام قياسية من المستفيدين . لكن، وكما سجلنا ذلك أكثر من مرة خلال العشر سنوات الماضية «مؤامرة» استهدفت برنامج «العطلة للجميع « وأفرغته من محتواه، وبدت الصورة كالتالي :
غياب استراتيجية واضحة المعالم للتخييم ببلادنا، و العشوائية في البرامج وضعف التجهيزات، ورداءة العشرات من مراكز التخييم ،والتسيب في وسائل النقل، وتفويت صفقات لممونين لايحترمون شروط دفاتر التحملات فحسب،بل لهم سوابقَ في التلاعب بالمواد، والجودة، والأسعار…
إن قطاع التخييم اليوم، بحاجة إلى إعادة النظر لبنياته التحتية بإنشائها وإصلاحها وتوسيعها . وصياغة برامج ذات حمولة تربوية تجعل من فضاءاته مدرسة للتنشئة على القيم والمواطنة، وبناء الشخصية على أسس سليمة . وهو بحاجة كذلك لأن يتجه للفئات الهشة، والأحياء المهمشة، والمناطق القروية والنائية، وإلى الشفافية في صفقاته العمومية، ووضع حد للتباين في أثمانها من منطقة إلى أخرى، والحرص على عدم المتاجرة بالمقاعد المخصصة لبعض الجمعيات التي تتوفر الوزارة على تقاريرعنها .القطاع بحاجة إلى معالجة الاختلالات التي تراكمت على مستوى بنيات الاستقبال، بين فضاءات تابعة للوزارة، وأخرى لقطاعات حكومية . بحاجة إلى وضع حد لعمليات النصب والاحتيال على الآباء. وعموما، فإن هذا القطاع، بحاجة إلى تصور جديد، شمولي، واضح، يستثمر كل الجهود والكفاءات لدى كافة المتدخلين من وزارة وصية وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية وجمعيات عاملة بالميدان.
اليوم العملية التخييمية لا تمس إلا نسبة ضئيلة من الأطفال واليافعين، وذلك لعدم كفاية المراكز التي تفتحها الوزارة . إن بلادنا التي تتوفر على مجالات شاطئية وغابوية وجبلية مهمة، لم تبذل بعد مجهودات تسعى لإنشاء مراكز جديدة بمعايير حديثة وتجهيزات كافية حتى يتبلور بالفعل التخييم كحق وليس امتيازا .
لذلك نأمل أن تكون الوزارة هذه السنة في مستوى الانتظارات، وتدشن مرحلة جديدة تعطي للمخيم وجها آخر، بوعي بأدواره التاريخية وبمسؤولياته التربوية ، أي أن يكون مدرسة حقيقية لبناء أجيال جديدة من المواطنين، كي يبنوا وطنهم بكل وعي ومثابرة . مدرسة بقدر ما تكون فضاء للترفيه وللتنشئة الاجتماعية، بقدر ما ترسخ مبادئ وقيما، وتفتح آفاقا جديدة للتنمية البشرية .
نتمنى صادقين أن تكون النسخة الجديدة من العملية التخييمية هذه السنة، في مستوى هذه الانتظارات، وأن توطد العلاقة بين الأطفال واليافعين والشباب، بوطنهم المغرب الزاخر بإمكانيات يجب استثمارها .