هجوم لندن والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب

الاتحاد الاشتراكي

يعتبر الهجوم الذي وقع ليلة السبت- الأحد على «لندن بريدج»، وأسفر عن مصرع سبعة أشخاص، ثالث هجوم إرهابي على بريطانيا خلال هذه السنة، بعد حادث الدهس الذي قاده خالد مسعود بسيارته في 22 مارس على جسر ويستمنستر أمام مبنى البرلمان في لندن، ثم حادث 22 ماي الذي أدى إلى مقتل 22 شخصا وجرح 116 بينهم عدد كبير من الأطفال والمراهقين، حين فجر بريطاني من أصل ليبي نفسه في نهاية حفل غنائي للمغنية  الأمريكية أريانا غراندي في قاعة مانشستر أرينا للحفلات.
ومما يدعو إلى الانتباه أن الهجمات الإرهابية أصبحت حقيقة بريطانية منذ 2005، حين تعرضت ثلاثة من قطارات الأنفاق وحافلة، مما أسفر عن سقوط 56 قتيلا و700 جريح، بل إن الهجمات أصبحت حقيقة غربية، فقبل عام ونيف عانت بروكسل من هجوم في المطار والمترو، بالإضافة إلى أنه وقع هجوم على احتفالات يوم الباستيل في نيس، وآخر في سوق أثناء احتفالات عيد الميلاد في برلين، وهجوم على ملهى ليلي في أورلاندو.
ورغم أن تلك الاعتداءات تختلف في شكلها، فكلها تشترك في هدف واحد: إثارة الرعب والغضب، مما يطرح السؤال مرة أخرى، وبإلحاح يزداد كل يوم، هل من الممكن منع وقوع مثل هذه الاعتداءات، ذلك أن الأجهزة الأمنية، ورغم استمرارها في التحلي باليقظة، تواجه، في هذا البلد أو ذاك، المهمة شبه المستحيلة في المتابعة اليومية لآلاف الأشخاص الذين لديهم خطط مختلفة، وتحركهم محفزات مختلفة بإمكانيات محدودة؟
إن العالم يدرك، الآن أكثر من أي وقت مضى، أنه من المستحيل اعتراض كل تهديد، وأن على المواطنين أن يتقبلوا حقيقة أننا نعيش في عالم غير آمن، وأن الردع الأمني لا يقدم حلولا سحرية لإنهاء حالة «الاستنفار الجهادي» التي يعيشها الإرهابيون بشغف ليس له رادع.
حيال الإلحاح الإرهابي وتواتر العمليات الإرهابية، يبقى الرد الوحيد المناسب، فضلا عن اليقظة الأمنية، هو تشجيع العزم الجماعي على الحوار العام المفتوح، ما دام العالم الحديث يعرف هناك مقايضات واضحة بين الحرية والأمن، وبين الحق في الخصوصية والحاجة لحماية الشعوب، وهو ما يتعين على القيادات السياسية في الدول التي يستهدفها الإرهاب، سواء أكانت غربية أو عربية، أن تجيب عنه بالشجاعة الممكنة، وذلك بإقامة الحوار بين المقاربة التنموية وأهمية التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب، لأن هذا الحوار هو الرد الأبلغ على الإرهاب في كل مكان.
إن استغلال اعتداء «لندن» للترويج لـ «حظر السفر على مواطني مجموعة من الدول الإسلامية»، كما فعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن «رفع مستوى الأمان» لا يأتي عبر إغلاق الأبواب، والتمييز بين الدول، بل بالتعاون في ما بينها من أجل القضاء بشكل نهائي على منابع الإرهاب أينما وجدت، خاصة أن الواقع يؤكد أن السياسات الداخلية للدول الغربية تؤثر بشكل ملحوظ في الإنسان العربي والمسلم، لارتباطها بأسئلة الهجرة والإرهاب والموقف من الصراع العربي الإسرائيلي.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 05/06/2017