واقعة ليما ومتطلبات الدبلوماسية المغربية

عرت واقعة مطار ليما بالبيرو عدة حقائق عن طبيعة تحركات عناصر البوليساريو وادعاءاتهم وعمليات التدليس التي يقومون بها تجاه الرأي العام الدولي وفي حقل العلاقات الدولية، واقعة المطار تتلخص في أن سلطات هذا البلد منعت سيدة من دخول البيرو لاعتبارات عدة، أبرزها ألا صفة دبلوماسية لها ولا تحمل وثائقها أنها سفيرة بالعاصمة ليما، بل إنها قد سبق لها زيارة هذا البلد الأمريكولاتيني بتأشيرة سياحية وقامت بأنشطة يحظرها القانون وبالتالي خرقت قوانين الهجرة، وانتحلت صفة أجرت بمقتضاها لقاءات مع مؤسسات وشخصيات سياسية…وأن التأشيرة السياحية سلمت لها باعتبار أن جنسيتها اسبانية، وبالفعل فقد زارها بالمطار مسؤولون من السفارة الاسبانية بالعاصمة ليما…
هكذا إذن دأب الانفصاليون على تغليط الرأي العام، بل بيع الوهم لسكان مخيمات تنذوف بأن لِما يسمى بالجمهورية الصحراوية شبكة سفارات وفرق سفراء، والحقيقة كل الحقيقة التي عرت على جوانب منها واقعة ليما أن هناك أشخاصا تم منحهم امتيازات من طرف البوليساريو والجزائر للعيش بدول أوروبية وإفريقية خارج شظف مخيمات «الحمادة «، وأن العمل الدبلوماسي الوحيد الذي يقومون به هو التقاط صور مع شخصيات وفي لقاءات دولية والادعاء بأنهم يحظون باستقبالات واعتمادات دبلوماسية ورئاسة وفود….وهنا نشير مثلا إلى ما حدث بالعاصمة الموزمبيقية مابوتو أثناء انعقاد لقاء اليابان- إفريقيا، حيث تحايل البلد المضيف من أجل إدخال عناصر من البوليساريو بدعوى عضوية ما يسمى بالجمهورية الصحراوية بالاتحاد الإفريقي، وأمام حزم وحرص الوفد المغربي لم يجد المسؤولون الموزمبيقيون من طريقة سوى تهريب بعض عناصر البوليساريو من باب جانبي إلى داخل القاعة وإدماجهم بوفد مابوتو…
إن الأمثلة كثيرة عن عمليات النصب والتحايل التي دأب الانفصاليون على القيام بها تماما كما هو الشأن عند اصطناع وقائع بأقاليمنا الجنوبية وتصويرها وترويجها والادعاء بأنها مواجهات أو اعتداءات تقوم بها السلطات الأمنية المغربية … فكما يتم ترويج صور أو بلاغات غير ذات مصداقية تتعلق بأنشطة يسميها الانفصاليون بالدبلوماسية، يتم كذلك نشر صور ووقائع عن مسرحيات مصطنعة بشوارع وساحات بهذه المدينة أو تلك…أما الحقائق المرعبة التي تعيشها مخيمات تندوف وحملات القمع التي تستهدف الشباب هناك والملاحقات التي تسعى إلى بث الخوف بالأسر فيتم السكوت عنها وتسييجها بجدران من الصمت، وهنا نشير إلى فرار عشرين شابا من هذه المخيمات قبل أسبوعين، واعتصامهم بمطار مدريد وطلبهم للجوء السياسي وتواطؤ الجزائر ضدهم من أجل ترحيلهم إلى مطار وهران أو الجزائر العاصمة….لقد صمت الانفصاليون عن هذه الواقعة التي تكشف جزءا من معاناة مئات الشباب بمخيمات محاصرة بالأمن العسكري الجزائري.
إن ما يحدث اليوم من تآكل لصورة اصطنعتها الجزائر قبل أربعين سنة يعود في جزء منه للديناميكية الجديدة للدبلوماسية المغربية التي أصبحت مبادرة فعالة لا تنهج سياسة الكرسي أو الموقع الفارغ بل الحضور القوي المستند على علاقات متعددة المستويات من جهة، ومن جهة أخرى على حقائق التاريخ وفضح أطروحة الانفصال ودواعيها ورهاناتها وصراعاتها الإقليمية ونوايا جارتنا الشرقية التي افتعلت هذا النزاع للمس بالوحدة الترابية للمغرب.
اليوم نحن بحاجة إلى تكثيف الفعل الدبلوماسي والحضور القوي في كل الواجهات لفضح أساليب النصب والاحتيال التي ينهجها خصومنا ولوضع حد لممارساتهم وأكاذيبهم …