الزعيم السياسي و«الشو»

الاتحاد الاشتراكي

يمثل عبد الإله بنكيران نموذجا لما يسمى عادة بـ «العمل السياسي بالفيديو»، ويُقصد بذلك حين تتحول السياسية القادمة من ساحة النقاش،»الأغورا«، باعتبارها تطارح وصراع الأفكار والبرامج والتصورات، إلى مجرد سلعة، تبحث عن مستهلكين فقط، وقد ازداد الطلب على هذه العينة من السياسيين مترافقا مع صعود الخطابات الشعبوية، وامتداد الرقمي في الحياة اليومية.
وهذا النوع من الممارسة السياسية، يكون الطلب عليه أحيانا حين يراد ممارسة الإلهاء سواء لأفراد الحزب، أو للمجتمع، لكن خطورته تكمن أساسا حين يصبح الطلب عليه من الجمهور، ويتحول إلى منافس في حمى « الطوندونس».
هي خطورة، لأن الجمهور ليس بالضرورة مقتنع بما يلقى إليه من زخرف القول، بل لأنه يجد فيه مادة فرجوية.
إنه تحويل السياسة، ونقل مكانها من الأغورا إلى السيرك.
إنه استبدال بلاغة الإقناع ببلاغة التنكيت والتتفيه.
وهو الاستعاضة عن إنسان السياسة والجدل الخلاق بالحاوي الدي يخرج الأرانب من قبعته.
فمثلا، كيف يمكن أن تفهم هجوم بنكيران على الكاتب الأول لحزب يقاسم حزبه مقاعد المعارضة البرلمانية ؟
لماذا هاجم بنكيران الأستاذ إدريس لشكر في سياق حزبي مطبوع باقتراب المؤتمر الوطني الحادي عشر للاتحاد الاشتراكي؟
هل هو انعكاس لحقد شخصي، اختار بخبث محطة مؤتمر الاتحاد الاشتراكي لتصريفه؟
ولأن الذكرى تنفع المؤمنين، فهل نسي بنكيران أن حزبه هو من أخل بالتزاماته تجاه حزب الاستقلال في 2016 ، وأن بنكيران نفسه هو من ذبح شباط الأمين العام السابق لحزب الاستقلال نزولا عند رغبة أخنوش الرئيس الجديد آنذاك للتجمع الوطني للأحرار، رغم أن الاستقلال كان الحزب الثالث حسب نتائج الانتخابات، ثم أكمل إخوانه عملية الغدر في حق حليفهم التقدم والاشتراكية، بعد أن غدروا ببنكيران نفسه، وبالتالي فمن الضحك على ذقون الأتباع اتهام الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي بالغدر، وهو الذي لا يقرر في المعارضة أو المشاركة، بل الأمر مرهون بقرار المجلس الوطني للحزب.
لكن السؤال الذي يجب طرحه: من له المصلحة في تهجم أمين عام حزب معارض على الكاتب الأول للحزب الأول في المعارضة من حيث المقاعد البرلمانية؟
نحن اليوم أمام أغلبية برلمانية مهيمنة، ولها القدرة على تمرير مشاريع قوانين الحكومة بسهولة، مما يجعل عمل المعارضة خلال هذه الولاية صعبا، ولا يمكن مقارنة وضع المعارضة اليوم في ظل هذه الهيمنة بأي معارضة سابقة في أي ولاية برلمانية، حتى تلك التي سبقت دستور 2011، وبالتالي فحين ينتج بنكيران خطابا فيه نوع من الليونة تجاه حزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، ثم يهاجم الاتحاد الاشتراكي وكاتبه الأول، فيحق لنا طرح سؤال: لماذا الاتحاد الاشتراكي؟ ولماذا في هذا السياق بالضبط؟
لسنا هواة نظرية المؤامرة، ولسنا محترفي مظلومية، ولكن من واجبنا أن ننبه إلى غرابة تعرض الاتحاد الاشتراكي عند اقتراب مؤتمره لحملات تبخيس نكاد نقول منظمة، ومن جهات مختلفة، وأن هذه الحملة تتجه أساسا إلى الكاتب الأول للحزب، بما يشبه عملا منظما للتأثير في خيارات الاتحاديات والاتحاديين.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 06/01/2022

التعليقات مغلقة.