بنكيران يسقط على رأسه.. من الطابق السابع عشر! 2/2

«الاتحاد الاشتراكي»

لم يكتف عبد الإله بنكيران بعرض ضغائنه على اليسار وحده، بل تعدى ذلك إلى ما يفوق قدراته، بحيث وجه كلاما ملغما إلى جهات لم يسِّمها، ولكن يستفاد من موضوع حديثه أنها أطراف في الدولة، كان لها يد في… الانتخابات.
بالرغم من كل ما أراد تمريره من خطاب مسؤول، على شكل نقد ذاتي، فإنه مع ذلك ضمن كلامه تلميحات خطيرة من قبيل أن «محاولة حل الحزب في 2003»، والتي جعل منها حصان طروادة»، ممكن العودة إليها»، وإذا كان يتحدث بكلام مبني للمجهول، فإنه كان يتحدث عن من يملك القرار القوي في الدولة، وعن كيانات« لا أحد يعرف ما يدور في ذهنها« إزاء حزبه.
المظلومية اتخذت أبعادا خطيرة عندما لمح إلى أن التزوير ضد حزبه ليس هو المشكلة، باستعمال البلاغة المواربة التي تقول بالضد ما لا تقوله بالوضوح. وبلا رابط واضح ظاهريا عاد إلى اعتبار أن الخريطة السياسية في المغرب وتأطيرها «والتحكم بها» عادة مغربية بامتياز.
وبلا رابط واضح وظاهر عاد إلى مغرب الانقلابات والاغتيالات، بل أسقط ذلك على الراهن السياسي المغربي عندما قال «إن السياسة خطيرة ومن أراد السلامة عليه أن يلزم بيته»!
ورفع سقف المعارضة عندما نادى بمقاومة النقاش حول الحقوق الجنسية والموقف من الحكم بالإعدام والعلاقات الرضائية بل عمد إلى تأليب العلماء ضد الحقوقيين، واعتبر أن العقيدة في خطر وأن الأمة في خطر، ليرفع عقيرته بالصياح …ضد المجتمع الحداثي.
وأقحم عبد الإله بنكيران الملكية والملك حسب هواه، بالرغم من تغليف حديثه بضرورة توقير شخص الملك، وهو في ذلك لا يزيد عن إعادة استعراض مفهوم دستوري توافقت الأمة حوله.
لم يستطع الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أن يصل إلى حد الطعن السياسي في الانتخابات بوضوح ومسؤولية، لكنه لمح لما هو أفدح عندما اعتبر أن «الدولة لا تحبنا»! ولمح أنه وبعض قيادات حزبه فكروا في »حل الحزب «ما دام »أنهم رفضوا أن نساعدهم»»، وهو في ذلك يحيل ضمنا على أنه جاء لمساعدة صاحب القرار على تدبير البلاد!!!
لقد رفع من منسوب التهجم على التيارات اليسارية والحداثية ورفع لواء الحرب بالتحريض على هؤلاء الحقوقيين لا لشيء إلا لكي يستنفر الأمة ضدهم ولماذا لا يسوغ غدا قتلهم.
لقد وجد نفسه يحرض العلماء والمغاربة باستنفار يعود إلى الجاهلية: أينكم يا مغاربة أينكم يا علماء، هل هذا قرار سياسي أم ديني؟
إنه يلبس حالة نقاش حقوقي عاد بلبوس التناحر العقدي، ليعود إلى وظيفته الأولى ضد من يسميهم المغتربين عن الدين والتدين…
يريد السيد بنكيران أن يستغفل الأمة نفسها لتنسى مشاكلها معه…
هو الذي ظل يتحدث عن التدين والقرب من لله، ويستنكر 6 آلاف دولار في جنوب إفريقيا تعطى للنواب غير البيض، تناسى بأنه لم يتحدث عن 7 ملايين، وهي بالمناسبة تكاد تكون المقابل لـ 6 آلاف دولار، كل شهر!
فهو لم يستطع أن يجد فيها ما يجعله يفضل الجنة على دنيا دار المال والبنون والغرور والزوال…
لقد جمع في صحن واحد عقدة الاتحاد وعقدة اليسار والتخويف من النقاش الحقوقي، وتلفيق التهم والنعوت و«التَّبَهْلل» والدروشة والضغينة والتزوير العاطفي لقرارات الدولة .. وكل ذلك من أجل ألا يقول بأنه انهزم هزيمة نكراء وأن الشعب المغربي هو الذي كان صاحب القرار، إنه لم يستطع أن يتخذ الموقف الواضح في الموقع الواضح!
وعود على بدء، لم يكن تزييف حقائق الهزيمة الانتخابية هو التزييف الوحيد في حق الآخرين بل تعمد ابن كيران خلط الأوراق عند الحديث عن اتفاق ما بخصوص الحكومة التي كان مكلفا بتشكيلها، وقال عن الكاتب الأول للاتحاد إنه غدر به.
والحقيقة، التي ما زال الكثير من الشهود يعرفونها وتعرفها أدبيات تلك الفترة من عام 2016، هي أن ابن كيران هو الذي رفض الإعلان عن الأغلبية، التي حصل وأن اجتمعت في أحزاب الكتلة الديموقراطية بالإضافة إلى البيجيدي. ورفض هو شخصيا الإعلان عن هذه الأغلبية، منتظرا قرار حزب التجمع الوطني للأحرار، حزب أخنوش الذي قال فيه من بعد ما لم يقله مالك في الخمرة، كما انتظر الحركة الشعبية التي كانت تعقد مجلسها التقريري.
هل يمكن أن ينكر أن تردده ومراوغاته لم تكن عربون ثقة من طرفه، وهل ينكر هذه الوقائع التي ما زال الأمناء العامون الذين تابعوها أحياء يرزقون؟
عود على بدء مرة ثانية: لما تحدث ابن كيران عن حروبه التي خاضها لأجل نفسه ذكر حركة لكل الديموقراطيين، وهنا نسأله السؤال الذي لا بد منه: هل نسي ما قاله من مديح وتقريظ في حق الكاتب الأول للاتحاد ومواقفه حينها؟
قد يكون الجواب بعيدا عن السياسة و«تدافعها»، وبعيدا عن البوليمير الفارغ، ونجده عند أطباء النفس، كما قد نجده لدى أخصائيي الدماغ..فبالنسبة لمن سقط من الطابق السابع عشر، قد تتضرر ملكات الذاكرة كما ملكات حسن التقدير، ونسأل لله حسن الخاتمة!

الكاتب : «الاتحاد الاشتراكي» - بتاريخ : 05/01/2022

التعليقات مغلقة.