سؤال الشرعية في القيادة الاتحادية

«الاتحاد الاشتراكي»

عند اقتراب أي مؤتمر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يطرح سؤال حول القيادة المرتقبة للحزب، ولا يقتصر الاهتمام بهذا الموضوع على مناضلات ومناضلي الحزب، بل نجد هذا الانشغال والترقب عند كثير من المواطنين والمراقبين والمهتمين بالسياسة والشأن العام.
ولعل الاتحاد الاشتراكي من الأحزاب القليلة التي تشكل مؤتمراتها لحظة سياسية، من خلالها يمكن اسكتناه المتغيرات التي طالت العمل الحزبي، وأشكال الممارسة السياسية.
وهو من الأحزاب غير المرتبطة في نشأتها أو في استمرارها بوجود أو غياب شخصية ما، بخلاف ما يتم ترويجه دون تأمل في التاريخ والحاضر.
لقد كانت نشأة المشروع الاتحادي في أصوله الأولى غير مرتبطة بقائد خط نهجا خاصا على عادة نشأة الأحزاب الوطنية أو القومية أو البعثية أو اللينينية خلال مرحلة الخمسينيات وما بعدها.
ففي البدء كانت الانطلاقة وتقرير الخروج من حزب الاستقلال، والالتقاء مع إرادات أخرى لخلق تجربة سياسية وتنظيمية جديدة، بفعل شروط موضوعية وجدت التقاطا ذكيا من قيادات لا قائد وحيد: المهدي بنبركة، عبد الرحيم بوعبيد، عبد لله إبراهيم، عبد الرحمان اليوسفي، الفقيه البصري وآخرون.
وشاءت أيادي الغدر أن تمتد للشهيد المهدي بنبركة، فواصل الحزب مسيرته رغم هذا الفقد الذي لا يعوض، ثم كانت قرارات 1972 التي مهدت للقطع مع الغموض والانتظارية، والحسم في خيار النضال الديموقراطي، التي انتهت بتأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعدها.
ولقد ساهمت في تفعيل هذه القرارات إرادة جماعية اجتمعت حول عبد الرحيم بوعبيد، لكن كذلك كانت هناك إسهامات فكرية وميدانية وتنظيمية لجيل من القيادات التي تسلمت المشعل، والتي تكونت وتدرجت في المحاضن الحزبية والنقابية والجمعوية والتمثيلية من مثل الشهيد عمر بن جلون.
وامتدت أيادي الغدر مرة ثانية، ليفقد الحزب أحد قياداته وعقوله ومنظريه في شخص الشهيد عمر بنجلون، واستمر رغم ذلك الحزب، حتى وهو يجد أحيانا قياداته موزعة على الداخل والمنافي والسجون.
وحين غادرنا الفقيد عبد الرحيم بوعبيد، لم ينفرط عقد الحزب، واشتغل المناضلات والمناضلون مع الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في قيادته لتجربة التناوب التوافقي، التي كانت انعطافا في مسار الوطن والحزب معا.
وفي هذا الصدد يجب التذكير أنه مع المؤتمر السادس للحزب في 2001، سيعود الحزب إلى احترام دورية انعقاد المؤتمرات في آجالها المحددة حتى قبل صدور قانون الأحزاب السياسية، فقد كان آخر مؤتمر عقد في ولاية فقيدنا الغالي عبد الرحيم بوعبيد وهو المؤتمر الخامس قد مرت عليه 12 سنة.
لقد كان المؤتمر السادس علامة على انتقال سياسي، وانتقال حزبي، بحيث إن البدء في أجرأة الخطوات الأولى على درب الانتقال الديموقراطي، كان يستلزم من الحزب تجديد آلياته، وبالأخص تطوير الديموقراطية الداخلية، والانفتاح أكثر على الطاقات الجديدة، ولقد كان لانهيار مجموعة من المسلمات داخل عائلة اليسار بفعل انهيارات مست المعسكر الاشتراكي الدوغمائي من جهة، وصعود خطاب حقوق الإنسان والحريات داخل صفوف أحزاب الاشتراكية الديموقراطية دورا في تسهيل الانتقال الحزبي، من حزب «طليعي» إلى حزب ديموقراطي منفتح أكثر على المجتمع، وعلى الانتقالات التي وقعت فيه، كما وقعت داخل الدولة، بل وداخل عالم الأفكار والإيديولوجيات والتقنية والتدبير.
ولعل التطور الأكبر، والذي كانت له تكلفته التنظيمية، هو ضرورة الانتقال من الشرعية التاريخية، إلى الشرعية الديموقراطية، وهي شرعية كان يجب تعضيدها بشرعية الإنجاز، أي أن الشرعية الديموقراطية بما هي انتخاب من داخل مؤتمرات الحزب، لا تعتبر تفويضا نهائيا، بل هي مشروطة بما يشبه عقدة الأهداف.
ولذلك فإن المرشحين لقيادة الاتحاد الاشتراكي في المؤتمر المقبل، يجب أن يتقدموا أمام المؤتمرين والقواعد الحزبية بجرد لما قاموا به لصالح الحزب خلال الخمس سنوات الأخيرة بالنظر لصفاتهم التنظيمية أو التمثيلية وما تفرض من مهام أو مساهمات (مكتب سياسي، مجلس وطني، مسؤولية انتدابية وزارية أو برلمانية أو ترابية، عضوية أي بنية تنظيمية حزبية،،،)، ثم تقديم مشروعهم للخمس سنوات القادمة، عوض أن يقتصر النقاش ويتقزم إلى اختزال أزمة الحزب حقيقية كانت أم مفتعلة أم بينهما، في شخوص ومساطر.

الكاتب : «الاتحاد الاشتراكي» - بتاريخ : 06/01/2022

التعليقات مغلقة.