نموذج تنموي من أجل بناء مغرب الكرامة والعدالة
الاتحاد الاشتراكي
شكل النموذج التنموي لبلادنا أحد التصورات التي حضرت في جميع المحطات التنظيمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في مؤتمراته الوطنية وندواته الوطنية ذات الصلة، في الأرضيات الاقتصادية والبرامج الانتخابية…فالتنمية بالنسبة للحزب هي بوابة بناء مغرب قوي متضامن منتج للثروة والتوزيع العادل لها، مبني على العدالة الاجتماعية والمجالية …واليوم إذ يعقد الحزب يومه الدراسي حول الموضوع فإن ذلك يندرج، أولا، في إطار مساهمته في النقاش الوطني الذي انطلق منذ خطاب جلالة الملك محمد السادس أثناء افتتاح السنة التشريعية الثانية والذي دعا فيه جلالته الحكومة والبرلمان، ومختلف المؤسسات والهيئات المعنية، كل في مجال اختصاصه، لإعادة النظر في نموذجنا التنموي لمواكبة التطورات التي تعرفها البلاد، وبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج، كفيلة بإعطائه نفسا جديدا، وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره ومعالجة نقط الضعف والاختلالات التي أبانت عنها التجربة، لأن النموذج الحالي، كما قال جلالة الملك «أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات، ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية». وثانيا، لإبراز الأطروحة الحزبية المتعلقة بتصور الاتحاد لهذا النموذج من خلال مناقشة مستوياتها ومتطلباتها وأسسها انطلاقا من مرجعيته الفكرية وخياراته الأيديولوجية وهويته الاشتراكية الديمقراطية.
لقد دعا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في أكثر من مناسبة إلى بلورة وتنفيذ استراتيجية تنموية تهدف إلى خلق نموذج متكامل ومندمج قائم على التضامن الاجتماعي والعدالة الترابية والهيكلة العقلانية والجاذبية الاستثمارية، نموذج تنموي جديد مستمد من الاشتراكية الديمقراطية ومستجيب للمعطيات الاقتصادية والمجتمعية الراهنة ومسهم في تشجيع وتيرة التنافسية الاقتصادية وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتقوية البعد الجهوي. وعبر هذا النموذج القائم على تعاقد اقتصادي ذي بعد اجتماعي بجيل جديد من الإصلاحات.
لقد نبه الاتحاد، في سياق تشخيصه المتواصل لواقع التنمية وللأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، إلى أن بلادنا تعيش تحولات، وتواجه تحديات كبرى، تستلزم اتخاذ تدابير وإجراءات للحد من آثارها السلبية وأن رقعة الفقر والهشاشة الاجتماعية تتسع بشكل متسارع …أضف إلى ذلك انتشار الريع والامتيازات والمضاربات بكل أنواعها وتفشي سلوكيات الاقتصاد الخفي، الذي يخفي التهريب والتهرب الضريبي.
إن النموذج التنموي إذن له أوجه متعددة اقتصادية واجتماعية وثقافية … ويتطلب بالدرجة الأولى تعزيز دور الدولة عبر التدخل لصالح الفئات الاجتماعية الهشة والمتضررة في المجتمع، من خلال توفير شروط العيش الكريم، والحماية الاجتماعية العادلة، والرعاية الصحية، للحد من آثار الفوارق الطبقية والتأثيرات المتزايدة للعولمة والليبرالية المتوحشة، والعمل على رفع الحيف عن الفئات الفقيرة والمتوسطة التي اكتوت بنار الغلاء وسوء الخدمات العمومية، وخاصة منها الطبقة العاملة والتجار والحرفيين والفلاحين، وسن نظام ضريبي منصف، واعتماد سياسة اقتصادية وطنية، لصالح المقاولات المتوسطة والصغيرة، في مختلف جهات البلاد، لتشجيع الاستثمار المنتج والابتكار، عبر سياسة قروض جديدة، تتجاوز النظام المصرفي والبنكي الحالي، الذي لم يخدم سوى الفئات الغنية والمحظوظة…
إن اليوم الدراسي مناسبة ومحطة لتعميق النقاش، كما أشرنا سابقا، وللتأكيد على خيارات الاتحاد التي تنطلق دوما من تحليل الواقع بكل جرأة وموضوعية، ومن صياغة التصورات بناء على مرجعيات واضحة من أجل مغرب الكرامة والعدالة الاجتماعية والمجالية.
الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 19/04/2018