أبدا لن نعض الكلب…!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
ويا جبل ما يهزك ريح!
دَرِبْنا في قواميس الصحافة على أن نردد: إذا الكلب عض الرجل، فذلك ليس حدثا، وإن عض الرجل الكلب فذلك الحدث.
والآن، والشروق تعضنا من أكثر نقطة حساسة في ذاتنا الجماعية، وهي تلغ في دمنا الجماعي بما اقترفته من انحطاط هل سَنَعُضها؟
كلا، ثم كلا.. أبدا..
لن نخلق الحدث إلا بما يناسب تاريخنا، وعمقنا الحضاري وانتماءنا المغاربي.
لنا أخلاقنا التي لا يتصورونها، ولنا شرف القتال..
وإذا خضنا المعارك خضناها بفروسية، وأخلاق رفيعة ونظرة إلى الأفق البعيد.
لن نرمي الشعب الجزائري كله مع غسيل «الشروق»، فنحن ندرك الفرق بين شعب محجور عليه وأجبر على مغادرة الساحة السياسية في وطنه وتركها لأشباه الساسة…
لقد تآلفنا، مع صحافة، شاذة، تسيء إليه أولا، ثم تسيء إلينا ثم تسيء للحقيقة وللأخوة..
ففي كل بلدان العالم، هناك رؤساء تحرير ومدراء نشر إلا في جوارنا، هناك جنرالات نشر، وضباط تحرير، وعندما يخسرون معركة، لا يُبْدون أي شرف في أن يكونوا خاسرين شرفاء ونزهاء، بل يعمدون إلى أساليب منحطة…
فعلوا ذلك ببلاغات تحكي عن بطولات الاستشباحات المرضية
وعن قتلى وحروب داحس والصحراء، في بلاغات البوليزاريو المنفصل عن الواقع، وما زالوا يواصلون الخسارة بلا شرف…، لاسيما وقد جعل المحاكم لمحاكمة وتصفية الأحرار.. والتهام بعضه، وفي كلتا الحالتين يفعل ذلك خوفا من فقدان السلطة.
لم يقدروا على التصرف كأناس أسوياء، ولا كأشقاء، ففضلوا التصرف كأعداء، ومع ذلك لم يستطيعوا أن يتحملوا مسؤولية عداوتهم… والقضية عمرها نصف قرن: يسلحون ويدربون ويمولون فلول الانفصال، ويدعون أنهم محايدين في حرب المبادئ السامية!
كرروا أن الذكاء هو التصرف بنذالة، وأن يتصرفوا بدون تحمل مسؤولية مشاعرهم العدوانية…
هم لا يستطيعون أن يكونوا أخلاقيين، بل حتى في انحطاطهم لا يتحملون المسؤولية، وفضلوا في الميدان أن يقوموا بانتصارات تعويضية في بيانات تشبه وصفات طبية للمخبولين..
فضلوا التصرف كجبناء ..
فقد اختاروا في لحظة ما من اللحظات أن يأكلوا ثوما كثيرا بأفواه تعتبر أن سب البلاد جزء من استكمال البطولة في قصاصات العداء..
ورسموا مغربا لا يوجد سوى في عقدهم الآسنة، في أعماق الجهالة والبذاءة وحاولوا إعطاء الدروس في حرية التعبير، والكرامة وحقوق الإنسان والعروبة والعقيدة… لشعوب غير شعبهم الذي يبحث عن علبة حليب وعن منبر سوي، وعن مكان تحت الشمس ولا يجد أي شيء من ثرواته الغزيرة حيث يجب أن تكون..
لا يبدو أنهم يفهمون، هم القبيلة الطوطمية، التي يمكن أن تَحكم بصلاة الغائب، أن الدروس لن تأتي منهم..
ورمز السيادة، يلزم الشعور به أن تكون مرافقتك للتاريخ طويلة، وأن تكون وطنيتك أعلى من كتف جنرال ونياشين..
لا نرد لكي نعبر عن الغضب، فيكفي واحد منا ينوب عنا، ولا نكتب لنعلم الأخلاقيات..
نكتب لكي لا نعطي درسا في الأخلاق لمن لا يملكها وكسر تيرمومتر القياس فيها، نحن نكتب لأن هناك شعبا، يستولون عليه، شقيق لنا، وعليه أن يتحرر أكثر من هذا الانحطاط الذي يحسب عليه……
إنهم لا يفهمون مقاطعة الصناديق ولا مغادرة فبريكة الشرعيات العابرة…
ولا يفهمون السخرية من خلافات على كراس متحركة عوض كراسي الرئاسة…
لهذا نَحِنُّ إلى عشب الجزائر الأبي… حنيننا جزء من المستقبل الذي يجب أن نبنيه سويا..
الشعب الذي يغضب عندما يستعمل رصيده في غير محله وتُضْرب قيمه العالية، تلك التي جمعت دمنا في نهر واحد…
نحن نعرف بأن العنف، بأي شكل من الأشكال، هو الفشل…
فهم لم يستطيعوا تفسير نجاح المغرب
فلم يغفروا لأنفسهم الفشل الخاص بهم!
ربما بالغنا في الأمل بأن لجدلية الفشل القدرة على أن تعلمهم شيئا ما: كأن يعتذروا لشعبهم ولشعوب المغرب الكبير عن تعطيل الزمن الإيجابي، مقابل الهوس بدولة أكبر منهم..
ربما بالغنا في قدرة الفشل على تربيتهم وتمدنهم والرفع من قدرتهم على الواقعية..
لكن، لا بد من ذلك، فما زلنا نعول على الفشل في أن يعلمهم الانسحاب من ميدان المعركة…..
ما الذي جنوه؟
لا شيء، ها نحن ما زلنا في مغرب، كامل الأوصاف، وفي بلاد كاملة التكوين، يقوده ملك فتح التاريخ على مصراعيه لندخله برؤوس مرفوعة……
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 15/02/2021