أحمر في بون، أيها القيقب …رغم المسافة!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr


‮ ‬يوم الجولة الكبرى‮ ‬كان هو‮ ‬يوم الخميس‮.. ‬لكن قبل ذلك اليوم‮ ‬كان علينا أن نحضر الى ‬مقر الأمم المتحدة، ‬حيث كان رؤساء الدول،‮ ‬والأمين العام‮ ‬غوتييريس سيتحدثون الى‮ ‬الارض عن مناخها وسكانها‮…‬
وصلنا الى القاعة الفسيحة‮‬،‮ ‬وكان علينا أن نصطف‮ ‬الى‮ ‬جانب الصحافيين،‮ ‬هناك في‮ ‬القاعة الكبرى بين الأدراج والمصاعد‮ .. ‬كان علينا الحصول على‮ ‬تذكرة خاصة‮ ‬من طرف الوصيين على‮ ‬الوفد المغربي،‮ ‬كأننا لم نكن في‮ ‬اللائحة‮..‬لا بأس،‮ ‬الارتباك شأن مغربي‮ ‬في‮ ‬التنظيم كلما تعلق الأمر‮ “‬بولاد لبلاد‮”..!‬
المهم أن‮ ‬يكون المغرب حاضرا بقوة‮..‬
انتظرنا وصول الأميرة
ثم وصول باقي‮ ‬الوفود‮ ‬
صنع كاميرون الحدث فعليا،‮ ‬بسبب الحضور القوي‮ ‬للفرنسيين وإعلامهم في‮ ‬الحدث،‮ ‬فهم،‮ ‬في‮ ‬نهاية المطاف معنيون بمصير اتفاقية باريز لا سيما بعد تراجع‮ ‬دونالد ترامب عنها‮…‬
كان من طيبوبة الزميل‮ ‬يوسف ججيلي‮ ‬أن منحني‮ “‬بادج” الأمم المتحدة،‮ ‬لكنه كان‮ ‬غير كاف للدخول بالنسبة لعثمان رفيقي‮ ‬وأنا،‮ ‬حصل لنا مشكورا على‮ ‬تذكرة،‮ ‬تمنح الدخول لواحد منا،‮ ‬لما تعبنا من حراس الأمم المتحدة،‮ ‬اخترنا أن نمنح بدورنا التذكرة الى‮ ‬زميلة من القناة الثانية‮.. ‬شكرتنا وأسرعت بالدخول الى‮ ‬قاعة الحدث العالمي‮…‬
‬ سيكون لنا لقاء آخر، في اليوم الموالي مع ندوة الأميرة، في‮ ‬الزون بون…وفي‮ ‬لقاء مع المؤتمرين من العالم في‮ ‬القاعة رقم‮ ‬6‮…‬ وبعد زيارتها للرواق المغربي، غادرت المؤتمر، في حين توجهنا، عثمان رفيقي ، عمار الزميل في دوتشي فيله والمناضل الأستاذ مستغفر ، مشيا على الأقدام نحو عاصمة ألمانيا الفدرالية..
تبين لنا من المسير أن المنطقتين المتباعدتين في خيالنا، تفصل بينهما دقائق فقط من الزمن..
مررنا بمآثر من المدينة، يعد الإرث المتبقي من التقسيم، وعلى رأسها مركز البريد، الهائل وبالقرب منه مقر dw ‪::‬ …
كان البهو الذي زرناه، هو القسم العربي: التقينا العراقي ملهم الملائكة، سليل نازك الملائكة
والتقينا مشارقة آخرين ومغاربة، كما صافحنا المسؤول الألماني عن القسم، والذي يتحدث بعربية فصيحة..
الألمان مشغولون كثيرا بالاستشراق، بروح مغايرة عن الأنكلوساكونيين والفرنسيين..
في كل خطوة كانت الأسئلة تمطر علي، كلما قدمني الصحافي الأصيل عمار بصفتي مدير تحرير الاتحاد الاشتراكي: الاشتراكية مازالت قائمة..؟ كيف حال الحزب الاشتراكي، مع تراجعات الاشتراكية؟ وأحاديث عن المهدي بن بركة في الغالب…
على ضفاف الراين، كان الصديق عمار يسهب في وصف الصرامة الألمانية، والعقلانية المطلقة، والتعفف،..
قال “سنمر بمقهى لعله يكون مفتوحا اليوم، اسمه نحو القراءة، يزوره الكتاب والمبدعون ، منهم أصحاب نوبل للآداب..
تذكرت عبد الرحمان الغندور وصراعه السيزيفي من أجل حفنة قراء إضافية في المغرب الجميل البعيد الأصيل..
قبل الوصول عبرنا بحديقة يابانية…
هنا شجرات القيقب الحمراء تفتنك وتشعرك بأنك بحظوة نسائية..
يا بون
شجرك الأحمر ما به: أسالت عليه جرار الشفق؟
أم انهمر عليه مداد الملوك الأحمر..
يا شجرة القيقب المتغربة هنا في ضباب بون ، كيف دخلت البلاد والقصائد؟
لقد غنّى الراهب والشاعر الياباني ريوكان (١٧٥٨-١٨٣١)، لأشجار القيقب وهو على وشك الموت. فأشجار القيقب أي ”موميجي“ هي إحدى كلمات لغة الفصول منذ القدم والتي كانت تستخدم في الأغاني والأشعار اليابانية.

أوراق الخريف (موميجي) المتساقطة
سواء أسقطت على وجهها
أم سقطت على ظهرها…
تركك لنا مذاق الخيال في ثلاثة أسطر متوهجة ، وما زلت أسمع خرير الماء
وأرى حمرة الشفق على أوراق القيقب…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 25/11/2017