أنبوب الغاز وأسعار المحروقات:«سامير»، هـــذا وقـتـها!

عبد الحميد جماهري
أعادت أزمة المحروقات وأسعارها، وحادثة قطع خط أنبوب الغاز الأوربي – المغاربي، موضوع لاسامير، المصفاة المغربية بالمحمدية، إلى واجهة السؤال.
بالنسبة للقضية المستجدة، وبالرغم من تأثيرها الضئيل على الحياة العادية للمغاربة والمغرب، ومحدودية الآثار المباشرة للقرار الجزائري الأخرق، فإن الحادثة قد دعت السلطات المعنية إلى تشغيل المحطة الحرارية للمحمدية والقنيطرة للتفاعل معه. وهو ما بدا معه أن السلطات قررت التشبث بالموجود المغربي القديم للرد على سؤال جديد.
ومن المتفق عليه أن تشغيل المحطتين يستوجب مما يستوجب، الفيول، والذي يذكرنا في هذه اللحظات بالوظيفة التخزينية لمخازن “لاسامير”.
وقد صار من الواجب على الحكومة أن تفكر جديا في إعادة تنشيط دورة التصفية والتكرير في هذه المؤسسة الوطنية بكل ما تشير إليه من رمزية في تاريخ صناعة الاستقلال الوطني الاقتصادي.
وهو ما يفرض معالجة الأمر، لا من زاوية تنافس العمومي مع الخاص في مجال التوزيع والتكرير والتصفية،بل من زاوية المجهود الوطني في ترتيب أولويات السيادة الطاقيةالتي تكلم عنها ملك البلاد ووضعها كمؤشر جديد للمغرب الذي نبنيه …
وليس من باب تربيع الدائرة أن نقول إن القضية السيادية والانتقال الطاقي وما يجاورها، يستدعي من السلطات العمومية تغيير زوايا النظر، ووضع مصير المؤسسات الوطنية خدمة لهذا الاستراتيجية الكبيرة في مغرب الحاضر والمستقبل.
يعيدنا الموضوع إلى المحروقات وما ترتب عن ملفها من تزايد الأسعار، وما تخلقه من احتقان يمكن أن يدخل ذوي النيات السيئة على قدم المساواة مع ذوي النيات الحسنة.. في زمن التدافع الغاضب.
لنعد إلى هذه النقطة للتذكير بثلاث نقط أساسية منذ انفجار الموضوع وما نجم عنه من قرارات وتطورات ليست كلها هادئة.
1) نذكر بالبلاغ الصادر عقب تقديم اللجنة الملكية حول مجلس المنافسة تقريرها إلى ملك البلاد، ذلك البلاغ الذي أعلن نتائجها ومستقبلها والذي يفيد أن ” جلالته أمر بإحالة توصيات اللجنة إلى رئيس الحكومة، وذلك بهدف إضفاء الدقة اللازمة على الإطار القانوني الحالي، وتعزيز حياد وقدرات هذه المؤسسة الدستورية، وترسيخ مكانتها كهيئة مستقلة، تساهم في تكريس الحكامة الجيدة، ودولة القانون في المجال الاقتصادي، وحماية المستهلك”.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه اللجنة الخاصة لم يكن من اختصاصها دراسة جوهر هذه القضية الخلافية المعروضة على مجلس المنافسة، ولا أن تحل مكان المجلس في معالجتها.
وعليه، فإن رئيس الحكومة معني على مستويين: الأول متعلق به كمسؤول عن ضرورة تفعيل ما أحيل عليه من طرف الملك؛ والثاني باعتباره أحد الرساميل المتدخلة في توزيع المحروقات. وعليه فإنه في قلب القضية المتعلقة باحترام القدرات الشرائية للناس، والأسعار المترتبة عن تقلبات السوق، داخليا وخارجيا وانفتاحها على أسعار بدون رقيب..
2) في طريق التفاعل، مع هذه الإحالة الملكية، لا بد وأن الوضع غير مريح بالنسبة لأي متابع، فبالأحرى لرئيس حكومة صاحب رأسمال في التوزيع والسوق ..
والحال أن الحكومة تتعامل كما لو أن لاشيء حصل من جهة، ومن جهة ثانية تقف متفرجة على التفاعلات الاجتماعية التي ترتبت عن الزيادة في الأسعار .
ونذكر أنه في صلب مراجعة الوضع، هناك النص القانوني المفروض فيه معالجة الوضع المتعلق بتوزيع المحروقات والدقة اللازمة فيه.وهنا يطرح السؤال بالنسبة للوضع الاعتباري والمادي لرئيس الحكومة :
هل النص سيعالج في مجلس الحكومة بحضور رئيس الحكومة، بما يحمله وضعه من تضارب مصالح ..أم سترأس أشغاله شخصية أخرى مفوض لها، وليس في حضورها تضارب مصالح أم سيحال على مجلس وزاري بعد أن يقدم المقترح إليه؟
وهذه القضايا المتعلقة بتضارب المصالح لم يرد فيها أي مقترح في البرنامج الحكومي.
3) على ذكر البرنامج الحكومي، لا بد من إبداء ملاحظةهامة تتعلق بالمحروقات وبـ”لاسامير” معا:
– لقد عبر حزب الاستقلال عن نيته، الانتخابية على الأقل، في تقنين الأرباح في مجال المحروقات..
الحزب نفسه تقدم فريقه بمجلس النواب، بمقترح قانون يقضي بتفويت أصول الشركة المغربية لصناعة التكرير “لاسامير” لحساب الدولة.وكان الحزب قد رافق مجهود جبهة إنقاذ الشركة، ضمن أحزاب أخرى، معتمدا على دفتر قناعات مهم للغاية من بين بنوده: أن “سامير” هي معلمة اقتصادية ودعامة أساسية للاقتصاد الوطني، بأبعاده الاجتماعية التنموية والاستراتيجية، بالنظر لدورها في تطوير الصناعات النفطية ومختلف الخدمات المرتبطة بها، وضمان الأمن الطاقي وتصدير الفائض من المحروقات المكررة، وتوفير مناصب الشغل للآلاف من اليد العاملة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة”..
في السياق ذاته، كان حزب الأصالة والمعاصرة قد دافع عن تسقيف الأرباح وتقنينها، ثم إعادة تشغيل شركة لاسامير..بل ذهب بعيدا، من خلال رئيس المستشارين وأمينه العام السابق حكيم بنشماس، بمراسلة رئيس الحكومة السابق، العثماني، من أجل إدراج النقطة في النقاش المؤسساتي ..
بالنظر إلى البرنامج الحكومي، والتزامات اثنين من أصل ثلاثة أحزاب حكومية، نجد أنه يخلو من هذه الالتزامات بالنسبة لثلثي الحكومة!!!
والأمر يتطلب، مستقبلا، شرحا وتوضيحا للرأي العام الذي تم وعده قبيل الانتخابات بمسألة كانت مثار اهتمام كبير من لدنه.
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 04/11/2021