اعدلوا بين الأثرياء.. فقط وانسونا تماما!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
يا صاحبيْ الخزينة، السيد لقجع والسيد عزيز أخنوش
هو نداء صادر من القلب
ولا طنز فيه ولا مسخرة
نرجوكم: اعدلوا بين أصدقائكم الأثرياء… وانسوْنا
نحن شعب الطبقة الوسطى و«السميك» والطبقات المنزاحة عن الكرة الأرضية وجماهير الهشاشة المستدامة..
انسونا، فقط لا غير!
نحن تعودنا ما يقع لنا
تعودنا أن الضريبة ركن من أركان العقيدة البنكية للحكومة وتعودنا أن الأهم في العدالة الضريبية عندنا هو أن نظل نطالب بها…
غير أننا شعرنا بغير قليل من التضامن بالأسى على كثير من الأثرياء عندنا: كيف لا تقتنع الحكومة الموقرة بالضريبة على الرابحين من المحروقات التي أوصى بها مجلس المنافسة الموقر؟
كيف تهمس الحكومة: ليذهب تضريب الرابحين إلى المزبلة ونحن في عز الأزمات المتتالية؟
حقيقة: نحن نتفهم ألا تسمعوننا ألا تفهموننا، لكن هل بلغ بكم الصمم أنكم لا تفهمون الأثرياء مثلكم؟
وإلا فسروا لنا، كتعويض نفسي فقط، عن الضرائب المتراكمة علينا والبلاد، الذي يشدنا من خناقنا: كيف يتم وضع تخفيض عن الضريبة على الشركات، التي تحقق أقل من 100 مليون درهم في حدود 20 ٪ (عوض 31 ٪) كهدية للأثرياء من هذا العيار ، ومن من بين الأثرياء الذي تقل ثروة معاملاته بدرهم فقط عن المبلغ المحدد ولا يستفيد من التخفيض؟
صراحة، هل يعقل أن درهما واحدا يساوي في سلم الضريبة 11ـ٪) من التخفيض؟
فمن يملك 99 مليون و999999 درهم لا يستفيد من هذا التخفيض؟ ويوضع هو وأصحاب 90 مليون و80 مليون و70 مليون درهم في نفس القفة التسعيرية لمن يملك ……………… مليون درهم فقط من رقم المعاملات؟
أو ربما أقل…
يا للعدالة في الدخل؟
ياصاحبي المال.. رجاء اشرحوا لنا ما معنى الدخل فقط، أما تلك الحكاية القديمة المتعلقة بالقدرة المعيشية، فانسوها…
نحن لا نفكر فيها إطلاقا، ما يشغلنا هو كيف لا تعدلوا بين الأثرياء منكم؟
وأي نظرية اقتصادية تحكم القرار المالي عندكم؟
عندما قام مجلس المنافسة بعمله توصل إلى خلاصة مفادها أن على ذوي النفوذ النفطي في المغرب أن يعيدوا بعضا من أرباحهم إلى المواطنين ..عبر الدولة طبعا .
أي أن تستخلص الدولة بعضا منها كضريبة لكي تستعملها في تخفيف الضغط المعيشي..
غير أن وزير المالية الثاني رأى أن الأرباح هي الثروة، وبالتالي إذا قمنا بتضريب الثروة فلا داعي لتضريب الأرباح…؟
ويبدو أن الوزير الثاني في سلم المالية، والوزير الأول في سلم السياسة المالية، لديه فكرة مخالفة عن الثروة والأرباح تجعلهما متطابقين..
والحال أن الأرباح ليست بالضرورة هي الثروة،
الأرباح تزيد في الثروة، والثروة قد لا تزيد في الأرباح …
والأرباح والثروة قد لا يلتقيان: أعرف بائع بيض زادت أرباحه قليلا ولم تزد ثروته عن جيرانه!
كما أن هناك أثرياء آخرين حقيقيين لم ترتفع أرباحهم بفعل الحرب الروسية ولا بفعل كوفيد!
وهذه الثروات قد تصل الضريبة عليها نفس حجم الضريبة على نظيرتها الثروات في مجال النفط، والحال أن الثروات العادية(!) بقيت على حالها في حين تضاعفت أرباح ثروات النفط!
فهل هذا هو العدل بين الأثرياء؟
نحن لم نعد ندافع ولله عن العدل بين الفقراء والأغنياء، فتلك نزعة إيديولوجية أكل الدهر عليها وشرب … وقضى حاجته بعد الحرب الباردة .
نحن نطالب بالعدل بين الثروات، فهذا هو التفكير الاجتماعي السليم حقا.
فكلما أخرجنا لهم الفقراء من قبعة ما، نصبح مشبوهين ومتهمين بنزعة بولشيفية متجاوزة، وربما استشعروا الحاجة إلى مضاعفة المراقبة علينا لأننا قد نكون في طور الإعداد للحنين والحلم بكومونة باريس أو تأسيس حزب بروليتاري سري للدفاع عن العدل الطبقي.
لهذا اقتصرنا فقط على الدفاع عن سادتنا الأثرياء أبقاهم لنا لله حصنا ضد كل نزعة غيفارية مشبوهة…!
حاشا لله أن نكون نوينا أن أثرياءنا في السياسة لا يهتمون بمخاوف الناس العاديين خلال فترة أزمة اقتصادية متصاعدة.
حاشا لله، إنهم لا يبالون بالأثرياء الأقل منهم ثروة فقط..
أما نحن فيلزمهم ترجمان هندي يتقن الإنجليزية يحدثهم عنا!
نحن نرى أنه لا ضرر ولا ضرار في أن نتفهم أوضاع الأثرياء، ولا نريد من وزير المالية أن يتفهم الفقراء، بل عليه فقط أن يتحقق من أن دفاعه عن الأثرياء سيكون على قدم المساواة..
ولن يغضب هذا أي أحد بل سيرضي أخنوش ويرضي الليبراليين المتحدين منهم والمنفردين، ويرضي المستثمرين الأجانب… ويرضي صندوق النقد والبنك الدولي، ويرضي النقابات بدورها وهي تصفق للدولة الاجتماعية في اللوح المحفوظ..
دعكم من الطبقة الوسطى، ولا الدنيا ولا الطبقة العليا من الطبقة الوسيطة، ولا البروليتاريا الرثة ولا أصحاب الدخل المحدود…احرصوا حفظكم لله على العدالة بين الثروات.. هذا مطلبنا الوحيد للحفاظ على السلم الاجتماعي وعلى صورة البلاد: هل تريدون من الأثرياء أن يتظاهروا كما لو كانوا أعضاء في يسار راديكالي أو استقطبهم النهج الديموقراطي (تحياتي أبو النصر)!؟
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 02/11/2022