الأمن والسلامة في قطر الكأس الدولية .. الحموشي: اللاعب رقم 27 في كل المونديال

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

ما الذي سنحتفظ به عندما ينتهي المونديال؟
يبدو الجواب في غير حاجة إلى فراسة خاصة.
نحن سنرث من المونديال ما تركه لنا لاعبونا الدوليون، الذين رست عليهم لائحة وليد الركراكي، المدرب الذي استطاع أن يقنع جزءا كبيرا من المغاربة بالكتيبة التي ستلعب أطوار الإقصائيات.
لكن لدينا سؤال آخر، لا يحتاج بدوره سوى إلى صياغته:
ما الذي نحتفظ به الآن، من الآن، قبل أن يبدأ المونديال، وسيظل حاضرا طوال الفترة التي تتنافس فيها الفرق الوطنية؟
ما الذي سيبقى في ذهن المونديال وتسجيلاته ولوائحه، من «لاعبين» كبار، من المغرب…؟
أعتقد بدون أي تمرين «جيمناستيكي» ذهني بأننا كمغاربة ومعنا العالم، سنحتفظ بما قدمه المغاربة الأمنيون من جهد وخبرة في توفير شرط السلام والأمن وتأمين الحفل الرياضي الأكثر شهرة فوق الكوكب.
سيحتفظ العالم لنا والكرة الأرضية تدور دورتها حول كرة القدم بأن المهمة الأصعب كانت حماية ملايين الوافدين على ملاعب المونديال، وآلاف الآلاف من البشر من أركان الأرض الأربعة، ومن كل الطبقات والثقافات والشعوب، وليستمتعوا بفرجة ممتعة في منطقة من أصعب المناطق، منطقة كلما وضعت أصبعا في خارطة الشرق الأوسط، تألمتْ وشعرت بوخز النقط الأكثر ألما فوق الأرض..!
وبطبيعة الحال ما كان لهذا أن يتحقق لولا الثقة التي وضعتها الدولة المنظمة في عبد اللطيف الحموشي وأبنائه في أسلاك الأمن، وتأمينهم على أرواح الضيوف من كل «بابل» البشرية، المترامية الأجناس.
هذا اللاعب، في الواقع مغربي لكنه سيكون اللاعب 27 في كل الفرق والمنتخبات.. سيلعب في الملعب وخارجه…
ويلعب مع كل الفرق في محيط ملتهب..
لقد استطاع الأمن بقيادة الحموشي، في السلكين معا، المديرية الوطنية ومديرية التراب الوطني، أن يصنع سمعة غير مسبوقة للمغرب، في خدمة الشعور العالمي المشترك بالأمن. بل ليست هناك حاجة إلى تعداد ماتحقق، في مفترق الطرقات الأمنية في عالم القرنين العشرين والواحد والعشرين، وما أنجز كمكتسب مغربي نفذه الأمن، (باعتراف من دول عظمى وباعتراف الأمم المتحدة وباعتراف الشركات في كل حالاتهم النفسية!)، ولم تقتصر السمعة في مجال محصور في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة وفي الأعماق السرية للتنظيمات المتطرفة، بشكل أقنع جميع شركاء المغرب، بقوة المجهود الوطني بإطاراته ومسؤوليه.. ونحن ندرك بأن الأمن إبان مونديال قطر، هو تجربة كبيرة وعميقة لكنها جسيمة للغاية، عندما تكون 16مليارا من العيون لـ8 مليار نسمة عبر العالم تتابع الشاذة والفاذة في المونديال.
وكل نسمة في العالم لديها ما تخاف عليه في الخارطة الأمنية للعالم وكل لقطة من الهندسة الإنسانية، هي محط متابعة ..
عكس ما يتم في العمليات الدقيقة الهدف عندما يكون الحيز المشمول بالتهديد محدودا وآثاره أيضا محدودة مهما كانت مؤلمة، ومهما كانت مدمرة!
نحن لا نملك من هنا ومن الآن سوى الاعتزاز،….. والدعاء بأن يوفق لله الأمنيين المغاربة في هذه المهمة، التي يدركون قبل ذلك حجمها..
ومما يزيد من الشعور بالفخر، كون دولة كبرى ثانية في الشرق الأوسط اختارت المسؤول الأمني المغربي، ضمن طاقم جامعتها الأمنية الشهيرة، وهي السعودية. والقطران معا، ليسا على نفس الموجة من الجيوسياسة والسياسة والأمن، ومع ذلك كان الأمن المغربي مشتركا بينهما في شخص المسؤول الأول عنه..
سيكون من السهل علينا أن نسعد بأداء أبنائنا في المنتخب وأبنائنا في الأمن وهما معا.
ومن السهل على الآخرين أيضا أن يكونوا آمنين عندما يكون على الأمنيين المغاربة وإخوانهم في قطر أن يتعلموا بشجاعة الحفاظ على مسافة الأمان.. وليس سرا أن تشغيل العقل والتفكير والتحليل طوال المقابلات يشترط أولا وجود أمن وطمأنينة quiétude.
كما كتب صاحب رائعة» العطر» باتريك زوسكيند ..
لقد لخص الملك شعور المغاربة الجمعي، إزاء ما توفر للمغرب بفضل وجود مؤسسات ذات مصداقية عالمية في مجال تأمين التجمعات العامة والنجاة الفردية، كما في تبديد الهواجس التي تطرحها تظاهرات كبرى أو اشتعال بؤر التوتر .
وكان خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب 2021 بليغا عندما قال جلالته : «دبروا حملة واسعة لتشويه صورة مؤسساتنا الأمنية، ومحاولة التأثير على قوتها وفعاليتها في الحفاظ على أمن واستقرار المغرب، إضافة إلى الدعم والتنسيق الذي تقوم به في محيطنا الإقليمي والدولي باعتراف عدد من الدول نفسها».
واليوم لدينا صورة بحجم الكرة الأرضية وليس فقط كرة القدم، عن هذا التميز العالي..
كان لا بد من هاته الكلمات للامتنان، وأيضا للاعتراف بما تقوم به مؤسسة وطنية ذات ولاء مطلق للمغرب وثوابته..وسط عالم متقلب ومنطقة متأججة!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 18/11/2022