الأوضاع في الخليج: الملك كان على حق!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

يشعر المغربي، والمغربية، عند متابعة تطورات الخليج العربي، بغير قليل من راحة الضمير والثقة، وبشعور من أدى النصيحة وأتت أكلها، وقدم التحليل وثبتت جدواه، وقام بالواجب وكان في الموعد.
لنقرأ إذن الأحداث من زاوية المعالجة المغربية..
وأول ما يتبادر إلى البديهة، في هذا السياق، تلك الرحلة التي قام بها ملك البلاد، ما بين عواصم الدول المتنازعة، حيث زار الدوحة في نونبر 2017، قادما إليها من الإمارات، وسط حديث متواتر عن مساع مغربية للوساطة.
وتتبادر أيضا دعوة ملك البلاد أطراف الدول الخليجية، مباشرة بعد قرار الحصار في يونيو من نفس السنة، إلى “ضبط النفس والتحلي بالحكمة من أجل التخفيف من التوتر وتجاوز هذه الأزمة وتسوية الأسباب التي أدت إليها بشكل نهائي”.
وكان لافتا للغاية أن عاهل البلاد، قد أثار، في حديثه التاريخي والشهير مع دونالد ترامب، قضية الخليج، لما هي الضلع الثالث في ثلاثية الساعة وقتها وبعدها، ثلاثية الصحراء، فلسطين والخليج.
وإذا كان النقاش، الذي دار من بعد تلك اللحظة قد تمحور بالنسبة للمغاربة حول الحدث الأبرز متمثلا في الاعتراف بمغربية الصحراء من طرف القوة العظمى الأولى في العالم، واستئناف العلاقات مع إسرائيل، بالنسبة للآخرين، فإن القضية الخليجية لم تحظ بنفس الاهتمام…
وقد كان لنا في هذا العمود شرف التنبيه إلى أهمية الموضوع، في مقالة ثلاثية عن القضية، «ما يجب قراءته في الاعتراف الامريكي«، من خلال الصحراء المغربية وقضية فلسطين وشؤون الخليج ( انظر العمود الثلاثي يوم 16 دجنبر 2020).
وقتها، كان بارزا من مضمون المكالمة كما نشرها الديوان الملكي في بلاغه، أن اتصال ملك البلاد برئيس الولايات المتحدة المنتهية ولايته، بين أن هناك ثلاثية ديبلوماسية في المشاورات، عتبتها الأولى تتعلق بإعلان اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية…، والضلع الثاني فيها هو وضع القضية الفلسطينية العادلة وما يدور حولها، من استئناف العلاقات بين تل أبيب والرباط، وآخرها، التطورات الإيجابية المسجلة إلى تحقيق المصالحة الخليجية المنشودة….
والواضح أن المغرب يوجد في تقاطع هذه الطرق السيارة الثلاثية برمتها وفي ترتيب خرائط مستقبلها وتحديد جدول أعمال أجنداتها القادمة.…
في قضية الخليج، لابد من منح الزمن سرديته كاملة وذلك ببدء القصة من أصلها: في 2016 ، كانت القمة الخليجية المغربية قد انعقدت في الرياض، وشكلت مناسبة للملك محمد السادس لكي يقدم »أطروحة« المغرب وقراءته للتقلبات الدولية، ولا سيما في الدائرة العربية،
وكانت أهم مرتكزات الأطروحة المغربية في تلك القمة هي :
– وجود شراكة استراتيجية، بين المغرب والخليج .
– وجود تحالفات جديدة، لإعادة ترتيب الأوراق في المنطقة.
– اعتبار المغرب أمن واستقرار دول الخليج العربي، من أمنه .
وبطبيعة الحال، وضع الملك في القمة كل الأوراق، من أجل تفكير مشترك في الرد الجماعي، وهو أمر سيتبين من بعد أن الاتفاق لم يحصل حوله.
وتباينت الآراء، لاسيما في قضية حصار قطر والصراع بينها وبين باقي الدول الخليجية، ورأينا كيف أن المغرب حاول التغيير من طبيعة النزاع والدخول في توازن ناجع بين المصالح لقطع الطريق على تحالفات مسيئة، تروم خلق أسباب تراجع دور مجلس التعاون الخليجي أو حشره في معادلات لا تخدم مصالحه.
وبعد فترة لا تقل عن سنتين، تبين أن تطورات الأوضاع تسير في اتجاه المغرب، وتبين صواب مقاربته، وهو لم يَصِحْ فوق كل الأسطح بالقول إنه كان على صواب، بل أعاد التأكيد في الاتصال بترامب، على ضرورة أن تسير »التطورات الإيجابية المسجلة إلى تحقيق المصالحة الخليجية«.
وذلك بهدف استتباب الأمن والاستقرار بمنطقة الخليج العربي، وتحقيق الأمن العربي الشامل والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية .
والواضح الآن أن دول الخليج، التي تحولت إلى مركز سياسي وديبلوماسي -ربما أهم قطب رحى فيه- بَعْد عقد على الربيع العربي بالمنطقة، لا بد من أن تكون حاضرة في أي ترتيب للقضايا الأساسية، في الجغرافية السياسية للمنطقة …

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 06/01/2021