الإعدام الرياضي..بقرار!

عبد الحميد جماهري

اللاعب الماهر، عادة وبالتعريف، يكون له قدم يبصر بها، ولعل قدمه أيضا مجرد امتداد لذهنه وعقله، ولعل الأقوى من ذلك أن له دماغا في حذائه الرياضي، وعندما يقرر لاعب آخر أن يعطب قدمه فهو في الواقع يستهدف عقله وقلبه وبصره المخزَّن في قدميه، ويخطط كي يطال إعدامه الرياضي، عضلة الفن الممتع، إضافة إلى العقل المرابض خلفه وأمامه، يمينا وشمالا.
ولعل هذا الشعور بأنه يراد إعدام عبد الصمد الزلزولي رياضيا في مباراة نهائيات السبت الماضي، من طرف لاعبين مصريين، وليس فقط اللاعب الذي تم طرده، أحيت شعورا بالظلم خزنته الذاكرة الأليمة للمغرب الرياضي منذ 1985، وأزالت عنه الطابع العفوي الذي قد يكون حادثة رياضية، مهما كانت قاسية!
لست ماهرا في الرياضة ولا في الفرح، لكن يبدو أن لي موهبة خاصة في الألم، عندما يكون متربصا بالفرحة الجماعية ومتربصا برياضة يفترض فيها أنها تطهر الأرواح وتبني الأخوة الإنسانية بناء على مجهود عضلي أولمبي منذ القديم، ومنذ صراع الآلهة الإغريق فوق الأعالي وتحت أنظار البشر!
لا أعتقد أن القرار بإعدام رياضي، سواء أكان التيمومي أو الزلزولي يجب أن يتكرر ويترك للتدبير المحصور زمنيا، بل يجب أن يتعامل معه بروح تكاد تكون جنائية، كما أن الفرق يجب أن تدفع ثمنا مقابل هذه التعليمات التي تشير على لاعب في الدفاع بتعطيل عضلات لاعب في الهجوم.
يجب أن يكون العقاب رادعا وإلا لا جدوى من نشيج شامل سرعان ما ينسى بعد أيام أو ساعات معدودة، اللهم إلا بالنسبة لمن تعطلت حياته وفرديته الإبداعية…
يجب أن نتصور أن منافسا قام بمحاولة قطع يد الفنان التشكيلي، كي نشعر بالفعل بفداحة الجرم، أو منافسا في الفلسفة عمل من أجل قطع رأس المفكر المنافس، كي نشعر بالفداحة التي تحيط بعملية تبدو كما لو أنها حادثة رياضية قاسية فقط، هي في عمقها محاولة إعدام مع سبق الإصرار والترصد…
لأهل الكرة أن يفكروا في حواجز الردع، أما أنا فكلما تخيلت أن الزلزولي كاد أن يعدم على مشنقة الرياضة أصاب بفزع رهيب وأصرخ رغما عني : إلا هذه يا رب !

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 11/07/2023